للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تكليمًا" بمنزلة تكرار الفعل، فكأنك قلت: "سلَّم سلَّم" و"تكلَّم تكلَّم"، والفعل لا يخلو عن فاعله أبدًا. وأما اسم المصدر؛ فإنهم جرَّدوه لمجرد الدلالة على الحدث، وهذه النكتة من أسرار العربية، فهذا السلام الذي هو التحيَّة.

وأما "السلام" الذي هو اسم من أسماء الله؛ ففيه قولان:

أحدهما: أنه كذلك اسم مصدر، وإطلاقه عليه كإطلاق "العدل" عليه، والمعنى: أنه (ق/ ١٤٤ أ) ذو السلام وذو العدل، على حذف المضاف.

والثاني: أنَّ المصدرَ بمعنى الفاعل هنا، أي: السالم (١) كما سُمِّيت ليلة القدر: "سلامًا أىِ: سالمة من كلِّ شرٍّ، بل هي خير لا شرَّ فيها.

وأحسن من القولين وأَقْيَس في العربية: أن يكون نفس السلام من أسمائه تعالى، كالعدل، وهو من باب إطلاق المصدر على الفاعل لكونه غالبًا عليه مكرَّرًا منه، كقولهم: رجل صَوْم وعَدْل وزَوْر، وبابه.

وأما "السلام" الذي هو بمعنى السلامة، فهو مصدر نفسه، وهو مثل الجلال والجلالة، فإذا حذفت "التاء" كان المراد نفس المصدر، وإذا أتيت (٢) بالتاء كان فيه إيذان (٣) بالتحديد بالمرة من المصدر، كالحبِّ والحبَّة، فالسلام والجمال والجلال كالجنس العام من حيث لم يكن فيه [تاء] (٤) التحديد. والسلامةُ والجلالة والملاحةُ والفصاحةُ


(١) (ق): "السلام"!.
(٢) (ق): "أُتي".
(٣) في الأصول: "إيذانًا"!.
(٤) تحرفت في الأصول.