للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلُّها تدلُّ على الخصلة الواحدة.

ألا ترى أن الملاحة خَصْلة من خصال الكمال، والجلالة خَصْلة من خصال الجلال، ولهذا لم يقولوا: كَمَالة، كما قالوا: مَلاحة وفَصَاحة؛ لأن "الكمال" اسم جامع لصفات الشرف والفضل، فلو قالوا: كمالة، لنقضوا الغرض المقصود من اسم "الكمال"، فتأمَّلْه.

وعلى هذا جاء: "الحَلاوة والأصَالة والرَّزانة والرَّجَاحة"؛ لأنها خصلة (١) من مطلق الكمال والجمال محددة، فجاؤوا فيها بـ "التاء" الدالة على التحديد، وعكسه: "الحماقة والرَّقاعة والنَّذالة والسفاهة"، فإنها خصال محددة من مطلق العيب والنقص، فجاؤوا في الجنس الذى يشمل الأنواع بغير "تاء"، وجاؤوا في أنواعه وأفراده بـ "التاء"، وقد تقدَّم تقرير هذا المعنى وإيضاحه (٢)، فلا حاجةَ إلى إعادته.

فتأمَّل الآن كيف جاء "السلام" (٣) مجرَّدًا عن "التاء" إيذانًا بحصول المسمى التام؛ إذ لا يحصل المقصود إلا به، فإنه لو سلم من آفةٍ ووقعَ في آفة، لم يكن قد حصل له السلام، فوضح أن السلام لم يحرج عن المصدريَّة في جميع وجوهه.

فإن قيل: فما الحكمة في مجيئه اسم مصدر، ولم يجئ على أصل المصدر؟.

قيل: هذا السرُّ بديع، وهو أن المقصود حصول (٤) مُسَمَّى السلامة


(١) (ق): "خِصال".
(٢) (ظ ود): "وأيضًا"! وانظر ما تقدم (٢/ ٤٧٠ - ٤٧٢).
(٣) (ق): "الإسلام".
(٤) ليست في (ق).