للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا ثبت هذا؛ فالمقام لما كان مقامَ طلب السلامة التي هي أهم ما عند الرجل، أتى في لفظها بصيغة اسم من أسماء الله، وهو السلام الذي يطلب منه السلامة فتضمن لفظ "السلام" معنيين؛ أحدهما: ذكر الله كما في حديث ابن عمر (١) والثاني: طلب السلامة، وهو مقصود المسلِّم، فقد تضمَّن "سلام عليكم" اسمًا من أسماء الله تعالى وطلب السلامة منه فتأمل هذه الفائدة.

(ق/١٤٦ ب) وقريب من هذا (٢) ما رُوِيَ عن بعض السلف (٣) أنه قال في "آمين": أنه اسم من أسماء الله تعالى، وأنكرَ كثيرٌ من الناس هذا القول، وقالوا: ليس في أسمائه "آمين"، ولم يفهموا معنى كلامه، فإنما أراد أن هذه الكلمة تتضمن اسمه تبارك وتعالى، فإن معناها استجِبْ وأعط ما سألناك (٤)، فهي متضمنة لاسمه مع دلالتها على الطلب، وهذا التضمن في "سلام عليكم" أظهر، لأن "السلام" من أسمائه تعالى، فهذا كشف سر المسألة, والله أعلم.

فصل

إذا عُرِفَ هذا؛ فالحكمة في طلبه عند اللقاء دون غيره من الدعاء: أن عادة الناس الجارية بينهم أن يُحَيّي بعضُهم بعضًا عند


(١) المتقدم.
(٢) (ق): "منها".
(٣) جاء تفسيره بذلك عن عدد من السلف منهم أبو هريرة ومجاهد وهلال بن يِسَاف وحكيم بن جُبَير.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف": (٢/ ١٨٨)، وعبد الرزاق: (٢/ ٩٩)، وانظر "الدر المنثور": (١/ ٤٥) و"تفسير ابن كثير": (١/ ٣٣).
(٤) (ق): "سألتك".