للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جنس الثياب بل تخصصت بتلك الثياب المعيَّنة؛ فكأنك قلت: ثوب منها لزيد، وثوب منها لعَمرو، وهذا تقييد وتخصيص.

ومنه: الابتداء بالنكرة إذا لم يكن الكلام خبرًا محضًا، بل فيه معنى التزكية والمدح، فمن ذلك قولهم: "أَمْتٌ في الحَجَر لا فيك" (١)، لأنهم لم يقولوا: "أَمْتٌ في الحجر" وسكتوا حتى قرنوه بقولهم: "لا فيك"، فصار معنى الكلام: "نِسْبة الأَمْت إلى الحجر أقرب من نسبته إليك، والأَمْت بالحجر أَلْيَق به منك"؛ لأنهم أرادوا تزكية المخاطَب ونفي العيب عنه، ولم يريدوا الإخبار عن "أمت" بأنه في الحجر، بل هو في حكم النفي عن الحجر وعن المخاطَب معًا، إلا أن نفيه عن المخاطَب أوكد، وإذا دخلَ الحديثُ معنى النفي فلا غَرْوَ أن يبتدأ بالنكرة لما فيه من العموم والفائدة.

ومن هذا قولهم: "شَرٌ أَهَرَّ ذَا نَاب" (٢) وفيه تقديران؛ أحدهما: أنه على الوصف، أي شرٌّ عظيم أو شرٌّ مَخُوف أَهَرَّه. والثاني: أنه في معنى كلام آخر وهو: ما أَهَرَ ذا نابٍ إلَّا شرٌّ، أو: إنما أَهَرَّه شَرٌّ. ولا ريبَ في صحة المسألة على وجه الفاعلية، فهكذا إذا كانت على وجه المبتدأ والخبر الذي في معناه.

ومنه (ق/١٤٩ ب) قولهم: "شرٌّ ما جاءَ به"؛ لأن معنى الكلام: ما جاء به (٣) إلَّا شرٌّ، فأدت "ما" الزائدة هنا معنى (٤) شيئين: النفي


(١) انظر: "اللسان": (٥/ ٢).
(٢) انظر ما تقدم (٢/ ٦٢٣).
(٣) "لأن معنى الكلام: ما جاء به" ساقط من (د).
(٤) ليست في (ق).