للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والإيجاب، كما (ظ/١١٣ ب) أدته في قولك: "إنما جاءَ به شرٌّ" وفي قوله تعالى: {فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ (٨٨)} [البقرة: ٨٨] أي: ما يؤمنون إلا قليلًا، وقليلًا ما يذكرون.

وقوله: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ} [المائدة: ١٣] أي: ما لعناهم إلا بنقضهم ميثاقهم، ونحو: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} [آل عمران: ١٥٩] أي: ما لنت لهم إلا برحمة من الله ولا يُسْمع قول من يقول من النحاة: أن "ما" زائدة في هذه المواضع، فإنه صادر عن عدم تأمُّل.

فإن قيل: فمن أين لكم أفادت "ما" هذه المعنيَيْنِ المذكورَيْن؛ النفي والإيجاب، وهي لو كانت على حقيقتها من النفي الصريح لمتُفد إلا معنًى واحدًا وهو النفي، فإذا لم يكن النفي صريحًا فيها، كيف تُفِيد معنيين؟!.

قيل: نحن لم ندَّع أنها أفادت النفي والإيجاب بمجرَّدها، ولكن حصل ذلك منها ومن القرائن المحتفَّة بها في الكلام.

أما قولهم: "شرٌّ ما جاءَ به"، فلما انتظمت مع الاسم النكرة -والنكرةُ لا يُبْتَدأُ بها- فلما قصد إلى تقديمها عُلِم أن فائدة الخبر مخصوصة بها، وأكد ذلك التخصيص بـ "ما" وانتفى الأمر عن غير هذا الاسم المبتدأ، ولم يكن إلَّا له، حتى صار المخاطَب يفهم من هذا ما يفهم من قوله: "ما جاء به إلَّا شر"، واستغنوا هنا (١) بـ "ما" ما هذه عن "ما" النافية، وبالابتداء بالنكرة عن "إلا".

وأما قولك "إنما زيد قائم" فقد انتظمت بـ" أن" وامتزجت معها وصارتا كلمة واحدة و"أن" تعطى الإيجابَ الذي تعطيه "إلا" وما


(١) (ق): "عنها".