للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا مُقِيمًا مَدى (١) الزَّمان بقلبي ... وبعيدًا عن ناظِريْ وعِيَانى

أنتَ رُوْحِي إن كنتُ لستُ أراها ... فهي أَدنى إليَّ مِن كلِّ داني (٢)

وقال آخر:

يا ثاويًا بينَ الجَوَانِحِ والحَشا ... مِنِّي وإن بَعُدَتْ عَلَيَّ دِيَارُه (٣)

وإنه ليلطُف شأن المحبة حتى يرَى أنه أدنى إليه وأقرب من روحه.

ولي من أبيات تُلِم بذلك:

وأدنى إلى الصبِّ من نفسِه ... وإن كان من عينه نائيا

ومن كان مَعْ حِبه هكذا ... فأنى يكون له ساليا

ثم يلطف شأنها ويقهر سلطانها حتى يغيب المُحِب (٤) بمحبوبه عن نفسه (ق/١٦٧ أ) فلا يشعر إلا بمحبوبه ولا يشعر بنفسه، ومن هاهنا نشأت الشطحات الصوفية التي مصدرها عن قوة الوارِد وضعف التمييز، فحكَّم صاحبها فيها الحالَ على العلم، وجعل الحُكْم له، وعَزَل علمه من البين (٥)، وحَكَّمَ المحفوظون فيها حاكمَ العلمِ على سلطانِ الحال (ظ / ١٢٦ ب)، وعلموا أنَّ كلَّ حالٍ لا يكون العلم حاكمًا عليه، فإنه لا ينبغي أن يُغتر به ولا يُسْكن إليه، إلا كما يُساكن المغلوب المقهور


(١) (ق): "طول".
(٢) ذكره ابن القيم -أيضًا- في "روضة المحبين": (ص/ ٢١) بلا نسبة، لكن أوله: "يا مقيمًا في خاطري وجناني".
(٣) ذكره ابن القيم في "روضة المحبين": (ص/ ٢١) بلا نسبة.
(٤) (ق): "المحبوب".
(٥) (ق): "التبين".