وأما الباب الذي يخرج منه، فهو باب السلام المتضمن أحد الأسماء الحسنى، فيكون مفْتَتِحًا لصلاته باسمه تبارك وتعالى ومختتمًا لها باسمه، فيكون ذاكرًا لاسم ربه أول الصلاة وآخرها، فأولها باسمه وآخرها باسمه (١)، فدخل فيها باسمه وخرج منها باسمه، مع ما في اسم "السلام" من الخاصية والحكمة (ق/١٦٩ أ)، المناسبة لانصراف المصلِّي من بين يدي الله، فإن المصلِّي ما دام في صلاته بين يدي ربه، فهو في حِماه الذي لا يستطيع أحد أن يخفره، بل هو في حِمى من جميع الآفات والشرور، فإذا انصرف من بين يديه -تبارك وتعالى- ابتدرته الآفات والبلايا والمحن، وتعرضت له من كلِّ جانب، وجاءه الشيطان بمصايده وجنده، فهو متعرِّض لأنواع البلاء والمِحَن، فإذا انصرفَ من بين يدي الله مصحوبًا بالسلام لم يزل عليه حافظ من الله إلى وقتِ الصلاةِ الأخرى. وكان من تمام النعمةِ عليه أن يكون انصرافه من بين يدي ربه بسلام يستصحبه ويدوم له ويبقى معه.
فتدبَّر هذا السرَّ الذي لو لم يكن في هذا التعليق غيره لكان كافيًا، فكيف وفيه من الأسرار والفوائد ما لا يوجد عند أبناءِ الزمان؟!، والحمد في ذلك لله وحده. فكما أن المنعم به هو الله وحده، فالمحمود عليه هو الله وحده. وقد عُرف بهذا جواب السؤال الثاني، وهو مجيء السلام هنا مُعَرَّفًا ليكون دالاً على اسمه "السلام".
وليكن هذا آخر الكلام في مسألة "سلام عليكم"، فلولا قَصْد الاختصار لجاءت مجلَّدَاً ضخمًا. هذا ولم نتعرض فيها إلى المسائل