للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أول من حدثنا به ابنُ جُريْج يقول: حدثني آل عُرْوَة، عن عُرْوة فسألت هشامًا عنه، فحدثنا عن أبيه، عن عائشة: "كان رسول الله سُحِرَ حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهنَّ، قال سفيان: وهذا أشدُّ ما يكونُ من السِّحر إذا كان كذا، فقال: "يَا عَائِشَةُ أَعَلِمْتِ أَنَّ اللهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيما اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ، أَتَانِي رَجلانِ فَقَعَدَ أحَدُهُما عِنْدَ رَأْسِي وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقَال الّذِي عِنْدَ رَأْسِي لِلآخَرِ: مَا بَالُ الرَّجُل؟ قَالَ: مَطبُوبٌ قَالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَال: لَبِيدُ بنُ الأَعْصَمِ رَجُلٌ مِنْ بنِي زُرَيْقٍ حَليفٌ لِيَهُودَ وَكَانَ مُنَافِقًا، قَالَ: وَفِيمَ؟ قَالَ: فِي مُشْطٍ ومُشَاطةٍ قَالَ: وَأَينَ؟ قَال: في جُفِّ طَلْعة ذَكَرٍ تَحْتَ رَعُوفةٍ بِئْرِ ذَرْوَانَ قال: فأتى البئر حتى استخرَجَهُ، فقال: "هَذهِ البئْرُ الّتي أُرِيتُها، وَكَأَنَّ مَاءَها نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ وَكَأَنَّ نَخْلَها رُؤُوسُ الشَّياطِينَ، قَالَ: فاسْتُخْرِجَ، قَالَتْ: فَقُلْت: أَفَلا؟ أَيْ: تَنَشَّرْت، فقال: أمَّا اللهُ فَقَدْ شَفَانِي وَأَكْرَهُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ شَرًّا".

ففي هذا الحديث أنه استخرجه، وترجم البخاريُّ عليه: "بابٌ هل يُسْتخرج السحرُ؟ ".

وقال قتادة: قلت لسعيد بن المُسَيَّب: رجل به طِبٌّ ويؤخذُ عن امرأته، أيحلُّ عنه وينشرُ؟ قال: لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاحَ، فأما ما ينفعُ النَّاسَ فلم يُنْهَ عنه (١).

فهذان الحديثانِ قد يُظَنُّ في الظاهر تعارُضُهُما, فإن حديث


(١) علّقه البخاري فِي "الصحيح - الفتح": (١٠/ ٢٤٣) مجزومًا به, وقال الحافظ: "وصله أبو بكر الأثرم في "كتاب السنن، من طريق أبان العطار عن قتادة"، قال الحافظ في "تغليق التعليق": (٥/ ٤٩) "وإسناده صحيح".