للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُسَحَّرِينَ (١٥٣)} [الشعراء: ١٥٣]، وقال قوم شعيب له: {إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٨٥) قالوا: فالأنبياء لا يجوزُ عليهم أن يُسْحَرُوا، فإن ذلك ينادي حمايةَ الله لهم وعصمتهم من الشياطين".

وهذا الذي قاله هؤلاء مودودٌ عند أهل العلم، فإن هشامًا من أوثقِ النَّاس وأعلمهم, ولم يقدحْ فيه أحدٌ من الأئمة بما يوجبُ رَدَّ حديثه, فما لِلْمُتَكَلِّمِينَ وما لهذا الشأن؟! وقد رواه غيرُ هشام عن عائشة - رضي الله عنها -.

وقد اتفق أصحابُ "الصحيحين" على تصحيح هذا الحديث, ولم يتكلَّمْ فيه أحدٌ من أهل الحديث بكلمة واحدة, والقصةُ مشهورةُ عند أهل التفسير والسنن والحديث والتاريخ والفقهاء, وهؤلاء أعلمُ بأحوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأيامه من المتكلِّمين.

قال أبو بكر بن أبي شَيْبَةَ (١): "حدثنا أبو معاويةَ, عن الأعمش, عن يزيد بن حيَّان, عن زَيْدِ ابن الأرقم, قال: سحر النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ من اليهود, فاشتكى لذلك أيامًا, قال فأتاه جبريلُ, فقال: إن رجلًا من اليهود سَحَرَكَ, وعقد لذلك (٢) عُقَدًا, فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلِيًّا فاستخرجها, فجاء بها, فجعل كلما حلَّ عقدةً وجد لذلك خِفَّةً, فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأنما أُنشِطَ من عِقالٍ, فما ذكر ذلك لليهوديِّ ولا رآه في وجهه قطُّ" (٣).


(١) في "المصنَّف": (٥/ ٤٠ - ٤١).
(٢) (ق ود): "لك".
(٣) وأخرجه أحمد في "مسنده": (٤/ ٣٦٧)، والنسائي: (٧/ ١١٢) , وعَبْد بن حُميد "المنتخب" رقم (٢٧١)، والطبراني في "الكبير": (٥/ ١٨٠) كلهم من طريق أبي معاوية به. =