للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١)}، فإنه وصف الشيطانَ فيها بأنه الخناس، والخَنَّاسُ (١) الذي إذا ذكر العبدُ اللهَ انخنسَ وتجمَّعَ وانقَبَضَ، وإذا غَفَل عن ذكر الله التقم القلب، وألقى إليه الوساوسَ التي هي مبادئ الشَّرِّ كُلِّه، فما أحرزَ العبدُ نفسَهُ من الشَّيطان بمثل ذكر الله عز وجل.

الحرز التاسع: الوضوء والصلاة: وهذا من أعظم ما يتحرَّز به منه, ولا سيَّما عند ثَوَران (٢) قوَّة الغضب والشهوة، فإنها نارٌ تغلي في قلب ابن آدم، كما في الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أَلا وإنَّ الغَضَبَ جَمْرَةٌ فِي قَلْبِ ابْنِ آدَمَ، أَمَا رَأيْتُمْ إلَى حُمْرَةِ عَيْنيهِ وانْتِفَاخِ أوْداجِهِ، فَمَنْ أحَسَّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَلْصَقْ بِالأرْضِ" (٣).

وفي أثر آخر: "إنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنْ نَارٍ، وإنَّمَا تُطْفَأْ النَّارُ بالمَاءِ" (٤)، فما أطفأْ (٥) العبدُ جمرةَ الغضب والشهوة بمثل الوضوء والصلاةَ، فإنها نارٌ والوضوء يُطفِئُها، والصَّلاةُ إذا وقعت بخشوعها والإقبال فيها على الله أذهبت أثَرَ ذلك كُلِّه، وهذا أمرٌ تجرِبته تُغْني عن إقامة الدليل عليه.

الحرز العاشر: إمساكُ فضول النظر والكلام والطعام ومخالطة


(١) (ظ ود): "الخانس".
(٢) (ظ ود): "توارد".
(٣) أخرجه أحمد: (١٨/ ١٣٢ رقم ١١٥٨٧)، والترمذي رقم (٢١٩١)، وغيرهم قال الترمذي: "حسن" -كما في "تحفة الأشراف" (٣/ ٤٦٨) - لكن فيه: علي ابن زيد بن جدعان فيه ضَعْف.
(٤) أخرجه أحمد: (٢٩/ ٥٠٥ رقم ١٧٩٨٥)، وأبو داود رقم (٤٧٨٤) وغيرهم من حديث عطية السعدي -رضي الله عنه-.
وفي سنده ضعف.
(٥) (ق وظ ود): "طغى".