وهذا في القرآن كثيرٌ بَيِّن = أن المعبودَ لا بُدَّ أن يكون مالكًا للنَّفع والضُّرِّ، فهو يُدْعَى للنفع والضر دعاءَ المسألة، ويُدعى خوفًا ورجاءً دعاءَ العبادة، فعُلِم أن النوعين متلازمانِ، فكلُّ دعاء عبادة مستلزمٌ لدعاء المسألة، وكلُّ دعاءِ مسألة متضمن لدعاء العبادة، وعلى هذا فقوله تعالى:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}[البقرة: ١٨٦] يتناول نوعَي الدعاء، وبكلٍّ منهما فُسِّرتْ الآية، قيل: أُعْطِيه إذا سألني، وقيل: أُثِيبه إذا عبدني، والقولان متلازمانِ، وليس هذا من استعمال اللفظ المشترك في معنييه كليهما، أو استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، بل هذا استعمالٌ له في حقيقته الواحدة المتضمِّنة للأمرين جميعًا، فتأمَّلْه فإنه موضعٌ عظيم النفع، قَلَّ مَنْ يفطَنُ له.
وأكثر ألفاظ القرآن الدّالَّة على معنيين فصاعدًا هي من هذا القبيل، ومثال ذلك قوله:{أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ}[الإسراء: ٧٨]