للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحمل رَمِيمًا وهي بمعنى فاعل على "امرأة قتيلٍ" وبابه، فهذا المسلكُ هو من أقوى مسالك النُّحاة، وعليه يعتمدونَ، وقد اعترضَ عليه بثلاثة اعتراضات:

أحدها: أن ذلك يستلزمُ التَّسْوِيَةَ بين اللَاّزم والمتعدِّىِ، فإن "فَعيلًا" بمعنى مفعول بابه الفعل المتعدي، و"فَعِيلًا" بمعنى فاعل بابه الفعل اللازم؛ لأنه غالبُ ما يأتي من "فَعُل" المضموم العين, فلو جرى على أحدهما حكم الآخر، لكان ذلك تسوية بين اللازم والمتعدِّي وهو ممتنعٌ.

الاعتراض الثاني: أنّ هذا إنِ ادُّعِيَ على وجه العموم فباطل، وإن ادُّعِيَ على سبيل الخُصوص فما الضابطُ وما الفرقُ بين ما يسوغُ فيه هذا الاستعمالُ وما لا يسوغُ؟.

الاعتراض الثالث: أن العربَ قد نَطَقَتْ في "فَعِيل" بالتاء وهو بمعنى مفعول، وجرَّدَتْهُ من التاء وهو بمعنى فاعل، قال جرير (١) يرثي خالدة (٢):

نِعْمَ القَرِينُ وكنتِ عِلْقَ مَضِنَّةٍ ... وأرى بِنَعْفِ بُلَيَّةَ الأحجارُ

فجرَّدَ "القرين" من التاء وهو بمعنى فاعل، وقال (٣): فسَقَاكِ حيثُ حَلَلْتِ غيْرَ فَقِيْدةٍ ... هَزِجُ الرَّوَاحِ ودِيمَةٌ لا تُقْلِعُ فقرن "فقيدة" بالتاء، وهو فعيل، بمعنى مفعول أي: غير مفقودة.


(١) "ديوانه": (ص/ ١٥٤).
(٢) (ع): "خالته" و (ق): "والده" والمثبت من (ظ) وهو الصواب، وهي زوجته وأم ابنه حَزْرة.
والنعف: أعلى الوادي، وبُلَيَّة: اسم موضع.
(٣) أي: جرير, "ديوانه": (ص/ ٢٦٨).