للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمرٍ أو نهي أو خبرٍ يتضمِّن مأمورًا به (١) ومنهيًّا عنه ومخبَرًا، إلا ويمكنُ على هذا أن يُقَدَّر له لفظ (٢) مضاف يُخرجه عن تعلُّق الأمر والنهي والخبرية.

فيقول الملحدُ في قوله: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: ٩٧] أ، أي: معرفة حج البيت، و {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: ١٨٣] أي: معرفة الصيام، وإذا فُتِحَ هذا الباب فسَدَ التَّخَاطُبُ وتعطَّلَتِ الأدلَّةُ، وإنما يضمَرُ المضافُ حيث يتعيَّنُ ولا يصِحُّ الكلامُ إلا بتقديره للضرورة، كما إذا قيل: "أكَلْتُ الشَّاةَ" فإن المفهوم من ذلك: "أكَلْت لَحْمَها"، فحَذف المضاف لا يُلْبس، وكذلك إذا قلت: "أكَلَ فُلانٌ كَبدَ فُلانٍ": إذا أكل مالَهُ، فإِن المفهوم: أكل ثَمَرَةَ كَبدِه، فحَذْف المضاف هنا لا يُلْبس (٣)، ونظائره كثيرة.

وليس منه: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢] وإن كان أكثر الأصوليين يمثِّلون به، فإن القوية اسمٌ للسكان في مسكن مجتمع، فإنما تطلقُ القريةُ باعتبار الأمرين، كالكأسِ: لمأ فيه الشَّراب. والذَّنُوب: للدَّلْوِ الملآنِ ماءً، والنهرِ (٤). والخِوان: للمائدةِ إذا كان عليها طعامٌ ونظائره.

ثم إنهم لكثرة استعمالهم هذه اللَّفظةَ ودورانِها في كلامهم أطلقوها على السُّكَّان تارَةً، وعلى المسكن تارة، بحسب سياق الكلام وبساطه (٥)، وإنما يفعلونَ هذا حيث لا لَبْسَ فيه (٦)، فلا إضمارَ (ظ /٥٦١ ب) في


(١) من (ع).
(٢) (ق وع): "لفظه".
(٣) من قوله: "وكذلك إذا ... " إلى هنا ساقط من (ق).
(٤) "النهر" ليست في (ق).
(٥) معناها هو مضى السياق، واستعملها ابن القيم في "البدائع": (٣/ ١١٣٠) أيضًا.
(٦) من (ع).