فالأوَّلُ مردودٌ؛ لإجماع أهل العربية على التزام التاء في "ظريفة وشريفة" وأشباههما وَزْنًا ودلالة، ولذلك احتاج علماؤُهم أن يقولوا في قوله تعالى:{وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا}[مريم: ٢٨]، وقوله:{وَلَم أَكُ بَغِيًّا}[مريم: ٢٠]: أن أصل "بَغُوي" على فَعول، فلذلك لم تلحقه التاءُ، ثم أُعِلَّ بإبدال الواو ياء، والضمة كسرة، فصار لفظُه كلفظ "فَعِيل"، ولو كان فَعِيلًا أصلًا للحقته التاءُ، فقيل:"لم أكُ بغيَّةً".
والثانى أيضًا مردودٌ؛ لأن لـ "فَعِيل" على "فَعُول" من المزايا ما لا يليقُ به أن يكون تَبَعًا له، بل العكس أولى أن يكونَ "فعولٌ" تبعًا لـ"فَعِيل"؛ ولأنه يتضمَّن حَمْل "فَعِيل" على "فَعُول" وهما مختلفان لفظًا ومعنى، أما اللفظ فظاهر، وأما المعنى فلأنَّ "قريبًا" لا مُبَالغةَ فيه، لأنه يوصفُ به كلُّ ذي قُرْب وإن قلَّ، و"فَعُول" لابدّ فيه من المبالغة.
وأيضًا فإن الدَّالَّ على المبالغة لابُدَّ أن يكونَ له بِنَيَةٌ لا مبالغَةَ فيها، ثم يُقْصدُ به المبالغةَ، فتُغيَّر بنيته كـ "ضَارِب وضَرُوب، وعَالِم وعَلِيم"، و"قريبٌ" ليس كذلك، فلا مبالغةَ فيه.
وأما بيت امرئ القيس فلا حجَّة فيه لوجوه:
أحدها: أنه نادرٌ فلا حكمَ له، فلا كَثُرَتْ صُوَرُهُ، ولا جاءَ على الأصل، كـ "اسْتَحْوَذَ، واسْتَنْوق البعيرُ، وأغْيَمَتِ السَّمَاءُ، واعْوَرَّ واحْوَلَّ" وما كان كذلك فلا حكمَ له.
الثاني: أن يكونَ أراد قطيعةَ القيام، ثم حذف التاء للإضافة، فإنها تجوزُ بحذفها عند الفراء وغيره، وعليه حمل قوله تعالى: