للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَإِقَامَ الصَّلَاةِ} [الأنبياء: ٧٣] أي: إقامتها؛ لأن المعروف في ذلك إنما هو لفظُ الإقامة، ولا يقال: "إقام" دون إضافة، كما لا يقال: (ق/٢١٨ أ) "إرادُ" في إرَادَة، ولا: "إقَالُ" في إقالة؛ لأنهم جعلوا هذه التاء عِوَضًا عن ألف "إفعال" أو عينه؛ لأن أصل: "إقَامَة: إقْوَام" فنقلت حركة العين إلى "الفاء فانقلبت ألفًا، فالتقتْ ألِفان، فحُذِفت إحداهما، فجاءوا بالتاء عوضًا، فلزمتْ إلاّ مع الإضافة، فإن حذفها جائزٌ عند قوم قياسًا، وعند آخرين سماعًا، ومثلها في اللَّزوم تاء: "عِدَة وزِنَة" وأصلهما "وَعَدَ ووَزَنَ"، فحُذِفت الواو، وجُعِلَتِ التاء عِوَضًا منها فلزمتْ. وقد تُحْذَفُ للإضافة (ظ / ١٥٩ أ) كقول الشاعر (١):

إنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ وانْجَرَدُوا ... وأَخْلَفُوكَ عِدَا الأَمْرِ الذي وَعَدوا

أي: أخلفوك عِدَة الأمر، فحذف التاء، وعلى هذه اللغة قرأ بعض القراء (٢): {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً} [التوبة: ٤٦] بالهاء أي: عُدَّتَهُ فحذف التاء (٣).

الثالث: أن يكونَ "فَعيل" في قوله: "قَطِيع القيامٍ" بمعنى مفعول؛ لأن صاحبَ "المحكم" (٤) حكى أنه يقالَ: قَطْعَهُ وأقْطَعَهُ: إذا بَكَّتَهُ، وقُطِعَ هو فهو قَطِيع القول، فقَطِيع على هذا بمعنى مَقْطُوع، أي: مُبَكَّتٌ، فحَذْف التاء على هذا التَّوجيه ليس مخالفًا للقِياس، وإن


(١) هو: العباس بن الفضل، ذكره الجوهري في "الصحاح": (٢/ ٥٥١)، منسوبًا لزهير وهو من شواهد ابن عقيل: (٤/ ٢٨٥) في شرحه.
(٢) قال ابن جني: سُمع محمد بن عبد الملك يقرأ بها، انظر: "المحتسب": (١/ ٢٩٣)، و"روح المعاني": (١٠/ ١١١).
(٣) من قوله: "وعلى هذه ... " إلى هنا ساقط من (ق).
(٤) (١/ ٩٠).