للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفعل، عَمِلَ عَمَلَ الفعل، بخلاف: "قَائِمٌ زيْدٌ" فإنه لا قرينةَ معه تقتضي أن يعملَ عَملَ الفعل، فحُمِل على أصلِهِ من الابتداء والخبر.

فإن قبل: فهلَاّ قلت: إن الظرفَ والمجرورَ إذا اعتُمِدَ كما يُعْتَمدُ اسم الفاعل، أنه يرفع: الاسم كما هو مَعْزِيٌّ إلى سيبويه، فإذا قلتَ: "زَيْدٌ في الدَّارِ أَبُوه" كان "أبوه" مرفوعًا بالظرف، كما إذا قلت: "زَيْدٌ قَائِمٌ أَبُوهُ".

قلتُ: قد توهَّم قوم أن هذا مذهبُ سيبويهْ، وأنَّكَ إذا قلت: "مَرَرْتُ بِرَجُلٍ معه صَقْرٌ" أنَّ "صقرًا" مرفوعٌ بالظرف لاعتماده على الموصوف، وكنا نظنُّ: ذلك زمانًا حتى تَبَيَّنَ أن هذا ليس بمذهبه، وأنه غَلَطٌ عليه، وقد بيَّن أبو سعيد السِّيرافي مرادَ سيبويه من كلامه، وشَرَح وجْهَ الغلط عليه بما فيه كفاية فراجعْه في كتابه (١).

والفرقُ بين الظرف وبين اسم الفاعل ما تقدَّم: أن اسم الفاعل: مشتقٌّ وفيه لفظ الفعل: ومعناه، فإذا اعتُمِد أو اقترنَتْ به قرينةٌ، قَوِيَ جانب الفعليَّة فيه فعَمِلَ عَمَلَ الفعل، وأما الظرفُ فلا لفظَ للفعل فيه، إنما هو معنًى يتعلَّقُ به الفعلُ وبدُلُّ عليه، ولم يكنْ في قوَّة القرينة التي يعتمدُ عليها أن تجعلَه كالفعل، كما لم يكنْ في قُوَّته إذا كان ملفوظًا به دون قرينة أن يكونَ كالفعل، فإذا اجتمعَ (ظ / ١٦٠ ب) الاعتمادُ المُقَوِّي لمعنى الفعل مع اللَّفظ المشتقِّ من الفعل عَمِلَ الاسمُ حينئذٍ عَمَلَ الفعلِ.

ووجه آخر (ق / ٢٢٠ ب)، من الفرقِ بين المسألتينِ: أنك إذا قلت: "مَرَرْتُ بِرَجُلٍ قَائِمٍ أَبُوهُ" فالقيامُ -لا مَحَالَةَ- مسنَدٌ إلى الأب في


(١) شرح السيرافى على كتاب سيبويه طبع جزء منه ولم يطبع كاملًا.