للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعنى، وهو في اللَّفظ جار (١) على "رجل"، والكلامُ له لفظ ومعنى، فـ "قائمٌ" في اللفظ جارٍ على ما قبلَهُ وفي المعنى مسنَدٌ إلى ما بعدَهُ، وأما الظرف والمجرور فليس كذلك، إنما هو معنى يتعلَّقُ به الجار، وذلك المعنى مسنَدٌ إلى الاسم المرفوع وخبَرٌ عنه، فصحَّ أنه مبتدأ والمجرور خبر عنه، والجملةُ في موضع نعتٍ أو خبر.

فإن قيل: فيلزمكم إذا قدَّمتم الظرفَ في موضع الخبر، وقدَّرتم فيه ضميرًا يعودُ على المبتدإ، أن تُجيزوا: "في الدَّارِ نَفْسُهُ زَيْدٌ"، و"فيها أَجْمَعُونَ إِخْوَتُكَ"، وهذا لا يُجَوِّزُهُ أحدٌ، وفي هذا حُجَّةٌ للأخفش، ولمن قال بقوله في أن رفع الاسم بالظرف.

قيل: إنما قَبُحَ توكيد المضمَر إذا كان الظرفُ خبرًا مقدَّمًا؛ لأن الظرفَ في الحقيقة ليس هو الحاملَ للضمير، إنما هو متعلِّقٌ بالاسم الحامل للضمير، وذلك الاسم غيرُ موجود في اللَّفظ حتى يقالَ: إنه مقدَّمٌ في اللفظ مؤخَّرٌ في المعنى، وإذا لم يكن ملفوظًا به فهو في المعنى والرُّتبة بعد المبتدإ، والمجرورُ المقدَّمُ قبل المبتدإ دالٌّ عليه، والدالُّ (٢) على الشيء غيرُ الشيء، فلذلك قَبُحَ: "فيها أجْمَعُونَ الزَّيْدُونَ" (١)؛ لأن التوكيد لا يتقدَّم على المؤكد، ولذلك صحَّ تقديمُ خبرِ "إن" على اسمها إذا كان ظرفُا، لأن الظرف ليس هو الخيرَ في الحقيقة، إنما هو متعلِّقٌ بالخبر، والخبر منوِيٌّ في موضعه مقدَّرٌ في مكانه؛ ولذلك لم ينكسرْ أصلُ الخليل في منعه تقديمَ خبر المبتدإ مع كثرة هذا النحو في الكلام، أعني: "في الدَّارِ زَيْدٌ" ولذلك عَدَل


(١) (ق): "جار ومجرور"! ثم سقط من هنا إلى قوله: "ما بعده".
(٢) "عليه، والدال" سقطت من (ق).