للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ق/٢٢٢ أ) من الحركة العُلْوية (١) للحادث من حركات العباد ومعيارًا له (٢)، ولهذا سمَّاه النُّحاة ظرفًا؛ لأنه مكيالٌ ومِعْيَارٌ يعلم به مقدار الحركة (٣) والفعل وتقدُّمه وتأخره، وقربه وبعده، وطوله وقصره، وانقطاعه ودوامه.

فإذا أخبرتَ أن فعلَكَ قارَنَ ذلك الحادثَ المعلومَ من حركة الشمس والقمر، يُوَقَّتُ له ويُقَيَّدُ به فسمِّي وقتًا، وهو في الأصل مصدرُ: وقَّتُّ الشَّيءَ أُوَقِّتُهُ (٤): إذا حدَّدته وقَدَّرْته، حتى لو أمكن أن يقيَّدَ ويؤرَّخ بما يقارنُ الفعل من (ظ / ١٦١ ب)، الحوادث غير الزمان استَغْنى عن الزمان، نحو: "قُمْتُ عِنْدَ خُرُوجِ الأَمِيرِ"، و"عِنْدَ قُدُوْمِ الحَاجِّ"، و"عنْدَ مَوْتِ فُلانٍ"، لكن ذلك لا يشتركُ علمه ومعرفته كالاشتراك في معرفة يوم الجمعة وشهر رمضانَ ونحوه، ولا يطَّرد مع أنه أيضًا توقيتٌ وتاريخ بالزمان في الحقيقة، فإن قولك: "عِنْدَ خُرُوج الأَمِيرِ وقُدُومِ الحَاجِّ" إنما تريدُ يه هذه الأوقاتَ والأزمنةَ، ولكن المعلوم عند جميع المخاطبين (٥) إنما هى أجزاءُ الزمان كالشهر والسنة واليوم وأبعاض ذلك.

وإذا عُرِف هذا فلا معنى لقولك: "زَيْدٌ اليَوْمَ وعَمْروٌ غَدًا"؛ لأن


(١) (ق): "المعلومة"!.
(٢) وانظر في تعريفه: "بيان تلبيس الجهمية": (١/ ٥٦٢)، و"مدارج السالكين": (٣/ ١٣٣).
(٣) من قوله: "العلوية للحادث ... " إلى هنا ساقط من (ظ).
(٤) يقال: وقَّتَ الشيءَ يُوَقِّته، ووَقَتَه تَقِتُه، من باب وعَدَ يَعِد، انظر: "اللسان": (٢/ ١٠٧).
(٥) (ع): "المتخاطبين".