للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: فأما ابن خليل فإنه سكن مراكش وفاس، وكان ابن دحية بالاندلس فكيف لقيه أو سمع منه؟ وكذلك ابن حنين فإنه خرج عن الاندلس ولم يعد، بل سكن مدينة فاس، ومات بها سنة تسع (١) وستين وخمسمائة، فبالجهد أن يكون ابن دحية روى الموطأ عن هذين بالاجازة فالله أعلم، واستباح ذلك على رأى من يسوغ قول: حدثني بكذا ويكون إجازة، لكنه قد صرح بالسماع فيما أرى.

وقال قاضى حماة ابن واصل: كان ابن دحية مع فرط معرفته بالحديث وحفظه الكثير متهما بالمجازفة في النقل، وبلغ ذلك الملك الكامل، فأمره أن يعلق شيئا على كتاب الشهاب، فعلق كتاباً تكلم فيه علي أحاديثه وأسانيده، فلما وقف الكامل على ذلك قال له - بعد أيام: قد ضاع منى ذلك الكتاب، فعلق لي مثله، ففعل فجاء في الكتاب الثاني مناقضة للاول، فعرف السلطان صحة ما قيل عنه، وعزله من دار الحديث الكاملية آخرا، ثم ولى أخاه أبا عمرو عثمان.

قلت: وقيل: إنما عزله لانه حصل له تغير ومبادئ اختلاط.

وله عدة كنى: أبو حفص، أبو الفضل، أبو على الدانى الكلبي.

وكان يحمق ويتكبر، ويكنى نفسه، ويكتب ذو النسبتين بين دحية والحسين، فلو صدق في دعواه لكان ذلك (٢) رعونة.

كيف وهو متهم في انتسابه (٣) إلى دحية الكلبي الجميل صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما جرأه على ذلك لانه كلبى نسبة إلى موضع من ساحل دانية، ويقال الكلفى بين الفاء والباء، ولهذا كان يكتب أولا الكلبي معا.

وأما انتسابه إلى الحسين عليه السلام فإنه (٤) من قبل جد لامه، فإن جده عليا هو الملقب بالجميل تصغيرا للجميل بالعبارة المغربية، وكان طويلا أعنق فوالدة الجميل هي ابنة الشريف أبي البسام العلوي الحسينى الكوفي، ثم الاندلسي.


(١) ل: ست وتسعين.
(٢) س: لكان له رعونة.
(٣) ل: بانتسابه.
(٤) ل: فهو أنه من قبل.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>