للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ أقبل شيخ في يده عصا، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه السلام ثم قال: نغمة الجن وغنتهم، أنت من؟ قال: أنا هامة بن الهيم بن لا قيس ابن إبليس.

قال: وليس بينك وبين إبليس إلا أبوان (١) ! قال: نعم.

قال: فكم أتى لك من الدهر؟ قال: قد أفنيت الدنيا عمرها إلا قليلا، [ليالي قتل قابيل هابيل] (٢) كنت وأنا غلام ابن أعوام، أفهم الكلام، وأمر بالآكام، وآمر بإفساد الطعام وقطيعة الأرحام.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بئس لعمر الله عمل الشيخ المتوسم أو الشاب المتلوم.

قال: زدنى من التعذار، فإني تائب إلى الله، إني كنت مع نوح في مسجده مع من آمن به من قومه، فلم أزل أعاتبه على دعوته على قومه حتى بكى عليهم وأبكاني.

فقال: لا جرم، إني على ذلك من النادمين، فأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين.

قلت:: يا نوح، إني ممن تشرك (٣) في دم السعيد هابيل بن آدم، فهل تجدلي من توبة عند ربك؟ قال: يا هامة، هم بالخير، وافعله قبل الحسرة والندامة، إني قرأت فيما أنزل الله على أنه ليس من عبد تاب إلى الله بالغا ذنبه ما بلغ إلا تاب الله عليه، فقم فتوضأ واسجد لله سجدتين.

قال: ففعلت من ساعتي ما أمرني به، فناداني: ارفع رأسك، فقد أنزلت توبتك من السماء، فخررت لله ساجداً.

وكنت مع هود في مسجده مع من آمن به من قومه، ولم أزل أعاتبه على دعوته على قومه حتى بكى عليهم وأبكاني.

وكنت زواراً ليعقوب، وكنت من يوسف بالمكان المكين، وكنت ألقى إلياس

في الأودية وأنا ألقاه الآن.

وإني لقيت موسى فعلمني من التوراة، وقال: إن أنت لقيت عيسى فاقرأه منى السلام.

وإني لقيت عيسى فأقرأته من موسى السلام، وإن عيسى قال لي: إن لقيت محمدا فاقرأه


(١) خ أبوين.
(٢) من ل.
(٣) ل: يشترك.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>