للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطهارة أخف من أمر الحدث بالنسبة إلى الظن، وإن كانت آلة الطهارة لا يشترط فيها اليقين فإن (١) حصول [١١ ق /ب] الطهارة يكفي فيها، وأما الحدث فلا بد فيه من اليقين كما إذا خرج ما ظنه ريحًا لم يكف (٢) فيه الشم، بل لا بد من العلم، فافترق البابان حينئذ، فلا يبعد الاكتفاء بظن الطهارة بعد يقين الحدث، وإن لم يكتف بظن الحدث بعد يقين الطهارة، ونفى أنه يلزم الرافعي الفرق بين البابين، والجامع كون اليقين لا يزال إلا بيقين وأن الأصل الاستمرار، ويتجه بحث آخر لا يختص بالرافعي، وهو أن المبتدأة الفاقدة شرط التمييز صححوا أنها [لا] تحيض إلا بيقين من الحيض وهو يوم وليلة، والظاهر بقاؤه إلى غالب الحيض، فقد زال يقين الحدث بغير شك ولا ظن، بقي ها هنا أن يقال: الأصل وجوب الصلاة، فلا يسقط إلا بيقين، ويندفع بأن هذا الأصل قد زال بيقين الحدث وانفسخ، فلا أثر للأصول السابقة مع الأصول الطارئة.

فائدة: قال الرافعي: لا نعني بقولنا: "اليقين لا يرفع بالشك" يقينًا حاضرًا، فإن الطهارة والحدث نقيضان، ومهما شككنا في أحد النقيضين فمحال أن نتيقن الآخر، ولكن المراد أن اليقين الذي كان لا يترك حكمه بالشك، بل يستصحب؛ لأن [الأصل] (٣) في الشيء الدوام والاستمرار، فهو في الحقيقة عمل بالظن وطرح الشك (٤)، وقد اتفق فيما إذا تيقن الطهارة وظن الحدث أنه لا يلتفت إلى هذا الظن، وقد تعارض ظنان أحدهما: بقاء الطهارة، والثاني: ظن طريان الحدث، فينبغي


(١) في (ن) و (ق) "فإذا" والمثبت هو التصويب.
(٢) فى (ق): "يمكن".
(٣) سقطت من (ق).
(٤) "الأشباه والنظائر" لابن السبكي (١/ ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>