للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الرِّجَامُ حَجَرٌ يُشَدُّ بِطَرَفٍ عَرْقُوَةِ الدَّلْوِ، لِيَكُونَ أَسْرَعَ لِانْحِدَارِهَا.

وَالَّذِي يُسْتَعَارُ مِنْ هَذَا قَوْلُهُمْ: رَجَمْتُ فُلَانًا بِالْكَلَامِ، إِذَا شَتَمْتَهُ. وَذُكِرَ فِي تَفْسِيرِ مَا حَكَاهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ} [مريم: ٤٦] أَيْ لَأَشْتُمَنَّكَ; وَكَأَنَّهُ إِذَا شَتَمَهُ فَقَدْ رَجَمَهُ بِالْكَلَامِ، أَيْ ضَرَبَهُ بِهِ، كَمَا يُرْجَمُ الْإِنْسَانُ بِالْحِجَارَةِ. وَقَالَ قَوْمٌ: لَأَرْجُمَنَّكَ: لَأَقْتُلَنَّكَ. وَالْمَعْنَى قَرِيبٌ مِنَ الْأَوَّلِ.

(رَجَنَ) الرَّاءُ وَالْجِيمُ وَالنُّونُ أَصْلَانِ: أَحَدُهُمَا الْمُقَامُ، وَالْآخَرُ الِاخْتِلَاطُ.

فَالْأَوَّلُ قَوْلُهُمْ: رَجَنَ بِالْمَكَانِ رُجُونًا: أَقَامَ. وَالرَّاجِنُ: الْآلِفُ مِنَ الطَّيْرِ وَغَيْرِهِ.

وَالثَّانِي قَوْلُهُمُ ارْتَجَنَ أَمْرُهُمْ: اخْتَلَطَ. وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمُ ارْتَجَنَتِ الزُّبْدَةُ، إِذَا فَسَدَتْ فِي الْمَخْضِ.

(رَجَى) الرَّاءُ وَالْجِيمُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلَانِ مُتَبَايِنَانِ، يَدُلُّ أَحَدُهُمَا عَلَى الْأَمَلِ، وَالْآخَرُ عَلَى نَاحِيَةِ الشَّيْءِ.

فَالْأَوَّلُ الرَّجَاءُ، وَهُوَ الْأَمَلُ. يُقَالُ رَجَوْتُ الْأَمْرَ أَرْجُوهُ رَجَاءً. ثُمَّ يُتَّسَعُ فِي ذَلِكَ، فَرُبَّمَا عُبِّرَ عَنِ الْخَوْفِ بِالرَّجَاءِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح: ١٣] ، أَيْ لَا تَخَافُونَ لَهُ عَظَمَةً. وَنَاسٌ يَقُولُونَ: مَا أَرْجُو، أَيْ مَا أُبَالِي. وَفَسَّرُوا الْآيَةَ عَلَى هَذَا، وَذَكَرُوا قَوْلَ الْقَائِلِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>