للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَاذِلَةٍ هَبَّتْ بِلَيْلٍ تَلُومُنِي ... وَفِي كَفِّهَا كِسْرٌ أَبَحُّ رَذُومُ

الرَّذُومُ: السَّائِلُ دَسَمًا. يَقُولُ: إِنَّهَا لَامَتْهُ عَلَى نَحْرِ مَالِهِ لِأَضْيَافِهِ، وَفِي كَفِّهَا كِسَرٌ، وَقَالَتْ: أَمِثْلُ هَذَا يُنْحَرُ؟ وَنُرَى أَنَّ السَّمِينَ وَذَا اللَّحْمِ إِنَّمَا سُمِّيَ أَبَحَّ مُقَابَلَةً لِقَوْلِهِمْ فِي الْمَهْزُولِ: هُوَ عِظَامٌ تُقَعْقِعُ.

وَالْأَصْلُ الْآخَرُ الْبُحْبُوحَةُ وَسَطُ الدَّارِ، وَوَسَطُ مَحَلَّةِ الْقَوْمِ. قَالَ جَرِيرٌ:

قَوْمِي تَمِيمٌ هُمُ الْقَوْمُ الَّذِينَ هُمُ ... يَنْفُونَ تَغْلِبَ عَنْ بُحْبُوحَةِ الدَّارِ

وَالتَّبَحْبُحُ: التَّمَكُّنُ فِي الْحُلُولِ وَالْمَقَامِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ: نَحْنُ فِي بَاحَّةِ الدَّارِ بِالتَّشْدِيدِ، وَهِيَ أَوْسَعُهَا. وَلِذَلِكَ قِيلَ فُلَانٌ يَتَبَحْبَحُ فِي الْمَجْدِ، أَيْ: يَتَّسِعُ. وَقَالَ أَعْرَابِيٌّ فِي امْرَأَةٍ ضَرَبَهَا الطَّلْقُ: "

تَرَكْتُهَا تَتَبَحْبَحُ عَلَى أَيْدِي الْقَوَابِلِ

".

(بَخَّ) الْبَاءُ وَالْخَاءُ. وَقَدْ رُوِيَ فِيهِ كَلَامٌ لَيْسَ أَصْلًا يُقَاسُ عَلَيْهِ، وَمَا أَرَاهُ عَرَبِيًّا، وَهُوَ قَوْلُهُمْ عِنْدَ مَدْحِ الشَّيْءِ: بَخْ، وَبَخْبَخَ فُلَانٌ: إِذَا قَالَ ذَلِكَ مُكَرِّرًا لَهُ. قَالَ:

بَيْنَ الْأَشَجِّ وَبينَ قَيْسٍ بَاذِخٌ ... بَخْ بَخْ لِوَالِدِهِ وَلِلْمَوْلُودِ

وَرُبَّمَا قَالُوا: بَخٍ. قَالَ:

رَوَافِدُهُ أَكْرَمُ الرَّافِدَاتِ ... بَخٍ لَكَ بَخٍّ لِبَحْرٍ خِضَمْ

فَأَمَّا قَوْلُهُمْ: " بَخْبِخُوا عَنْكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ "، أَيْ: أَبْرِدُوا، فَهُوَ لَيْسَ أَصْلًا; لِأَنَّهُ مَقْلُوبُ خَبَّ. وَقَدْ ذُكِرَ فِي بَابِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>