للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَدَّ) الْبَاءُ وَالدَّالُ فِي الْمُضَاعَفِ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ التَّفَرُّقُ وَتَبَاعُدُ مَا بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ. يُقَالُ: فَرَسٌ أَبَدُّ، وَهُوَ الْبَعِيدُ مَا بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ. وَبَدَّدْتُ الشَّيْءَ: إِذَا فَرَّقْتُهُ. وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ: «يَا جَارِيَةُ أَبِدِّيهِمْ تَمْرَةً تَمْرَةً» " أَيْ: فَرِّقِيهَا فِيهِمْ تَمْرَةً تَمْرَةً. وَمِنْهُ قَوْلُ الْهُذَلِيِّ:

فأَبَدَّهُنَّ حُتُوفَهُنَّ فَهَارِبٌ ... بِذَمَائِهِ أَوْ بَارِكٌ مُتَجَعْجِعُ

أَيْ: فَرَّقَ فِيهِنَّ الْحُتُوفَ. وَيُقَالُ: فَرَّقْنَاهُمْ بَدَادِ. قَالَ:

فَشِلُوا بِالرِّمَاحِ بَدَادِ

وَتَقُولُ بَادَدْتُهُ فِي الْبَيْعِ، أَيْ: بِعْتُهُ مُعَاوَضَةً. فَإِنْ سَأَلَ سَائِلٌ عَنْ قَوْلِهِمْ: لَا بُدَّ مِنْ كَذَا، فَهُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ أَيْضًا، كَأَنَّهُ أَرَادَ لَا فِرَاقَ مِنْهُ، لَا بُعْدَ عَنْهُ. فَالْقِيَاسُ صَحِيحٌ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ لِلْمَفَازَةِ الْوَاسِعَةِ " بَدْبَدٌ " سُمِّيَتْ لِتَبَاعُدِ مَا بَيْنَ أَقْطَارِهَا وَأَطْرَافِهَا. وَالْبَادَّانِ: بَاطِنَا الْفَخِذَيْنِ مِنْ ذَلِكَ، سُمِّيَا بِذَلِكَ لِلِانْفِرَاجِ الَّذِي بَيْنَهُمَا. وَقَدْ شَذَّ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ كَلِمَتَانِ: قَوْلُهُمْ لِلرَّجُلِ الْعَظِيمِ الْخَلْقِ " أَبَدُّ ". قَالَ:

أَلَدَّ يَمْشِي مِشْيَةَ الْأَبَدِّ

وَقَوْلُهُمْ: مَا لَكَ بِهِ بَدَدٌ، أَيْ: مَا لَكَ بِهِ طَاقَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>