[بَابُ الْبَاءِ وَالطَّاءِ وَمَا يَثْلِثُهُمَا]
(بَطَغَ) الْبَاءُ وَالطَّاءُ وَالْغَيْنُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ التَّلَطُّخُ بِالشَّيْءِ. قَالَ الرَّاجِزُ:
لَوْلَا دَبُوقَاءُ اسْتِهِ لَمْ يَبْطَغِ
(بَطَلَ) الْبَاءُ وَالطَّاءُ وَاللَّامُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ ذَهَابُ الشَّيْءِ وَقِلَّةُ مُكْثِهِ وَلُبْثِهِ. يُقَالُ: بَطَلَ الشَّيْءُ يَبْطُلُ بُطْلًا وَبُطُولًا. وَسُمِّيَ الشَّيْطَانُ الْبَاطِلَ لِأَنَّهُ لَا حَقِيقَةَ لِأَفْعَالِهِ، وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْهُ فَلَا مَرْجُوعَ لَهُ وَلَا مُعَوَّلَ عَلَيْهِ. وَالْبَطَلُ الشُّجَاعُ. قَالَ أَصْحَابُ هَذَا الْقِيَاسِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُ نَفْسَهُ لِلْمَتَالِفِ. وَهُوَ صَحِيحٌ، يُقَالُ: بَطَلٌ بَيِّنُ الْبُطُولَةِ وَالْبَطَالَةِ. وَقَدْ قَالُوا: امْرَأَةٌ بَطَلَةٌ. فَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: " مُكْرَهٌ أَخُوكَ لَا بَطَلٌ " فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ. قَالَ قَوْمٌ: الْمَثَلُ لِجَرْوَلِ بْنِ نَهْشَلِ بْنِ دَارِمٍ، وَكَانَ جَبَانًا ذَا خَلْقٍ كَامِلٍ، وَأَنَّ حَيًّا مِنَ الْعَرَبِ غَزَا بَنِي دَارِمٍ فَاقْتَتَلُوا هُمْ وَبَنُو دَارِمٍ قِتَالًا شَدِيدًا، حَتَّى كَثُرَتِ الْقَتْلَى، وَجَاءَ جَرْوَلٌ فَرَأَى رَجُلًا يَسُوقُ ظَعِينَةً فَلَمَّا رَآهُ الرَّجُلُ خَشِيَهُ لِكَمَالِ خَلْقِهِ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ، فَقَالَ جَرْوَلٌ: " أَنَا جَرْوَلُ بْنُ نَهْشَلِ، فِي الْحَسَبِ الْمُرَفَّلِ "، فَعَطَفَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ وَأَخَذَهُ وَكَتَّفَهُ وَهُوَ يَقُولُ:
إِذَا مَا رَأَيْتَ امْرَأً فِي الْوَغَى ... فَذَكِّرْ بِنَفْسِكَ يَا جَرْوَلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute