كَانَ الْأَصْمَعِيُّ يَقُولُ: كُلُّ مَا اسْتَطَالَ فَهُوَ كُفَّةٌ بِضَمِّ الْكَافِ [نَحْوَ كُفَّةِ] الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ حَاشِيَتُهُ، وَإِنَّمَا [قِيلَ لَهَا] كِفَّةٌ لِأَنَّهَا مَكْفُوفَةٌ، وَكَذَلِكَ كُفَّةُ الرَّمْلِ. قَالَ: وَكُلُّ مَا اسْتَدَارَ فَهُوَ كِفَّةٌ، نَحْوَ كِفَّةِ الْمِيزَانِ وَكِفَّةِ الصَّائِدِ، وَهِيَ حِبَالَتُهُ. وَالْكَلِمَتَانِ وَإِنِ اخْتَلَفَتَا فِي الَّذِي قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ فَقِيَاسُهُمَا وَاحِدٌ. وَالْمَكْفُوفُ: الْأَعْمَى. فَأَمَّا الْكِفَفُ فِي الْوَشْمِ، فَهِيَ دَارَاتٌ تَكُونُ فِيهِ. وَيُقَالُ: اسْتَكَفَّ الْقَوْمُ حَوْلَ الشَّيْءِ، إِذَا دَارُوا بِهِ نَاظِرِينَ إِلَيْهِ. قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
بَدَا وَالْعُيُونُ الْمُسْتَكِفَّةُ تَلْمَحُ
فَأَمَّا قَوْلُ حُمَيْدٍ:
إِلَى مُسْتَكِفَّاتٍ لَهُنَّ غُرُوبُ
فَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ الْعُيُونُ. وَقَالَ قَوْمٌ: هِيَ إِبِلٌ مُجْتَمِعَةٌ. وَالْغُرُوبُ: الظِّلَالُ. وَاسْتَكْفَفْتَ الشَّيْءَ، وَهُوَ أَنْ تَضَعَ يَدَكَ عَلَى حَاجِبَيْكَ كَالَّذِي يَسْتَظِلُّ مِنَ الشَّمْسِ يَنْظُرُ إِلَى شَيْءٍ هَلْ يَرَاهُ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ اسْتِكْفَافًا لِوَضْعِهِ كَفَّهُ عَلَى حَاجِبِهِ. وَيَقُولُونَ: لَقِيتُهُ كَفَّةً كَفَّةً، إِذَا فَاجَأْتَهُ، كَأَنَّ كَفَّكَ مَسَّتْ كَفَّهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[بَابُ الْكَافِ وَاللَّامِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute