يَمْلِكُهَا رَبُّهَا فَكَيْفَ تُسَمَّى عَرِيَّةً. وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ قَوْلُ شَاعِرِ الْأَنْصَارِ:
لَيْسَتْ بِسَنْهَاءَ وَلَا رُجْبِيَّةٍ ... وَلَكِنْ عَرَايَا فِي السِّنِينَ الْجَوَائِحِ
وَمِنْهُ حَدِيثٌ آخَرُ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا بَعَثَ الْخُرَّاصَ قَالَ لَهُمْ: «خَفِّفُوا فِي الْخَرْصِ فَإِنَّ فِي الْمَالِ الْعَرِيَّةَ وَالْوَصِيَّةَ» .
قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: اسْتَعْرَى النَّاسُ فِي كُلِّ وَجْهٍ، إِذَا أَكَلُوا الرُّطَبَ. قَالَ: وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْعَرَايَا.
فَأَمَّا الْخَلِيلُ فَرُوِيَ عَنْهُ كَلَامٌ بَعْضُهُ مِنَ الْأَوَّلِ وَبَعْضُهُ مِنَ الثَّانِي، إِلَّا أَنَّ جُمْلَةَ قَوْلِهِ دَلِيلٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، مِنْ أَنَّهُ قِيَاسُ سَائِرِ الْبَابِ، وَأَنَّهُ خُلُوُّ شَيْءٍ مِنْ شَيْءٍ.
قَالَ الْخَلِيلُ: النَّخْلَةُ الْعَرِيَّةُ: الَّتِي إِذَا عَرَضْتَ عَلَى الْبَيْعِ ثَمَرَهَا عَرَّيْتَ مِنْهَا نَخْلَةً، أَيْ عَزَلْتَ عَنِ الْمُسَاوَمَةِ. وَالْجَمْعُ الْعَرَايَا، وَالْفِعْلُ مِنْهُ إِعْرَاءٌ، وَهُوَ أَنْ يُجْعَلَ ثَمَرُهَا لِمُحْتَاجٍ عَامَهَا ذَلِكَ.
(عَرَبَ) الْعَيْنُ وَالرَّاءُ وَالْبَاءُ أُصُولٌ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا الْإِنَابَةُ وَالْإِفْصَاحُ، وَالْآخَرُ النَّشَاطُ وَطِيبُ النَّفْسِ، وَالثَّالِثُ فَسَادٌ فِي جِسْمٍ أَوْ عُضْوٍ.
فَالْأَوَّلُ قَوْلُهُمْ: أَعْرَبَ الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ، إِذَا بَيَّنَ وَأَوْضَحَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ٠ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: «الثَّيِّبُ يُعْرِبُ عَنْهَا لِسَانُهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute