للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَذَّ) الْبَاءُ وَالذَّالُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْغَلَبَةُ وَالْقَهْرُ وَالْإِذْلَالُ. يُقَالُ: بَذَّ فُلَانٌ أَقْرَانَهُ: إِذَا غَلَبَهُمْ، فَهُوَ بَاذٌّ يَبُذُّهُمْ. وَإِلَى هَذَا يَرْجِعُ قَوْلُهُمْ: هُوَ بَاذُّ الْهَيْئَةِ، وَبَذُّ الْهَيْئَةِ بَيِّنُ الْبَذَاذَةِ، أَيْ: إِنَّ الْأَيَّامَ أَتَتْ عَلَيْهِ فَأَخْلَقَتْهَا فَهِيَ مَقْهُورَةٌ، وَيَكُونُ فَاعِلٌ فِي مَعْنَى مَفْعُولٍ.

(بَرَّ) الْبَاءُ وَالرَّاءُ فِي الْمُضَاعَفِ أَرْبَعَةُ أُصُولٍ: الصِّدْقُ، وَحِكَايَةُ صَوْتٍ، وَخِلَافُ الْبَحْرِ، وَنَبْتٌ. فَأَمَّا الصِّدْقُ فَقَوْلُهُمْ: صَدَقَ فُلَانٌ وَبَرَّ، وَبَرَّتْ يَمِينُهُ صَدَقَتْ، وَأَبَرَّهَا أَمْضَاهَا عَلَى الصِّدْقِ.

وَتَقُولُ: بَرَّ اللَّهُ حَجَّكَ وَأَبَرَّهُ، وَحِجَّةٌ مَبْرُورَةٌ، أَيْ: قُبِلَتْ قَبُولَ الْعَمَلِ الصَّادِقِ. وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ يَبَرُّ رَبَّهُ، أَيْ: يُطيِعُهُ. وَهُوَ مِنَ الصِّدْقِ. قَالَ:

لَاهُمَّ لَوْلَا أَنَّ بَكْرًا دُونَكَا ... يَبَرُّكَ النَّاسُ وَيَفْجُرُونَكَا

وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [البقرة: ١٧٧] . وَ [أَمَّا] قَوْلُ النَّابِغَةِ:

عَلَيْهِنَّ شُعْثٌ عَامِدُونَ لِبَرِّهِمْ

فَقَالُوا: أَرَادَ الطَّاعَةَ، وَقِيلَ أَرَادَ الْحَجَّ. وَقَوْلُهُمْ لِلسَّابِقِ الْجَوَادِ " الْمُبِرُّ " هُوَ مِنْ هَذَا; لِأَنَّهُ إِذَا جَرَى صَدَقَ، وَإِذَا حَمَلَ صَدَقَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>