للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَبَّةُ مِحْرَابٍ إِذَا جِئْتُهَا ... لَمْ أَلْقَهَا أَوْ أَرْتَقِي سُلَّمَا

وَمِمَّا شَذَّ عَنْ هَذِهِ الْأُصُولِ الْحُرْبَةُ. ذَكَرَ ابْنُ دُرَيْدٍ أَنَّهَا الْغِرَارَةُ السَّوْدَاءُ.

وَأَنْشَدَ:

وَصَاحِبٍ صَاحَبْتُ غَيْرِ أَبْعَدَا تَرَاهُ بَيْنَ الْحُرْبَتَيْنِ مَسْنَدَا

(حَرَتَ) الْحَاءُ وَالرَّاءُ وَالتَّاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ الدَّلْكُ، يُقَالُ حَرَتَهُ حَرْتًا، إِذَا دَلَكَهُ دَلْكًا شَدِيدًا.

(حَرَثَ) الْحَاءُ وَالرَّاءُ وَالثَّاءُ أَصْلَانِ مُتَفَاوِتَانِ: أَحَدُهُمَا الْجَمْعُ وَالْكَسْبُ، وَالْآخَرُ أَنْ يُهْزَلَ الشَّيْءُ.

فَالْأَوَّلُ الْحَرْثُ، وَهُوَ الْكَسْبُ وَالْجَمْعُ، وَبِهِ سُمِّي الرَّجُلُ حَارِثًا. وَفِي الْحَدِيثِ: " «احْرُثْ لِدُنْيَاكَ كَأَنَّكَ تَعِيشُ أَبَدًا، وَاعْمَلْ لِآخِرَتِكَ كَأَنَّكَ تَمُوتُ غَدًا» ".

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ حَرْثُ الزَّرْعِ. وَالْمَرْأَةُ حَرْثُ الزَّوْجِ ; فَهَذَا تَشْبِيهٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ مُزْدَرَعُ وَلَدِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} [البقرة: ٢٢٣] . وَالْأَحْرِثَةُ: مَجَارِي الْأَوْتَارِ فِي الْأَفْوَاقِ ; لِأَنَّهَا تَجْمَعُهَا.

وَأَمَّا الْأَصْلُ الْآخَرُ فَيُقَالُ حَرَثَ نَاقَتَهُ: هَزَلُهَا; أَحْرَثَهَا أَيْضًا. وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْأَنْصَارِ لَمَّا قَالَ لَهُمْ مُعَاوِيَةُ: مَا فَعَلَتْ نَوَاضِحُكُمْ؟ قَالُوا: أَحْرَثْنَاهَا يَوْمَ بَدْرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>