" السَّاعَةَ يَأْلِبُ إِلَيْكَ "، أَيْ: يَرْجِعُ إِلَيْكَ. وَأَنْشَدَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ:
أَلَمْ تَعْلَمِي أَنَّ الْأَحَادِيثَ فِي غَدٍ ... وَبَعْدَ غَدٍ يَأْلِبْنَ أَلْبَ الطَّرَائِدِ
أَيْ: يَنْضَمُّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ. وَمِنْ هَذَا الْقِيَاسِ قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ يَأْلُِبُ إِبِلَهُ، أَيْ: يَطْرُدُهَا. وَمِنْهُ أَيْضًا قَوْلُ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: رَجُلٌ إِلْبُ حَرْبٍ: إِذَا كَانَ يُؤَلِّبُ فِيهَا وَيُجَمِّعُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: أَلَبَ الْجُرْحُ يَأْلُبُ أَلْبًا: إِذَا بَدَأَ [بُرْؤُهُ] ثُمَّ عَاوَدَهُ فِي أَسْفَلِهِ نَغَلٌ. وَأَمَّا قَوْلُهُمْ لِمَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ: إِلْبٌ، فَمِنْ هَذَا أَيْضًا، لِأَنَّهُ مَجْمَعُ الْأَصَابِعِ. قَالَ:
حَتَّى كَأَنَّ الْفَرْسَخَيْنِ إِلْبُ
وَالَّذِي حَكَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ مِنْ قَوْلِهِمْ لَيْلَةٌ أَلُوبٌ، أَيْ: بَارِدَةٌ، مُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، لِأَنَّ وَاجِدَ الْبَرْدِ يَتَجَمَّعُ وَيَتَضَامُّ، وَمُمْكِنٌ أَنَّ يَكُونَ هَذَا مِنْ بَابِ الْإِبْدَالِ، وَيَكُونُ الْهَمْزَةُ بَدَلًا مِنَ الْهَاءِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي بَابِهِ. وَقَوْلُ الرَّاجِزِ:
تَبَشَّرِي بِمَاتِحٍ أَلُوبِ
فَقِيلَ هُوَ الَّذِي يُتَابِعُ الدِّلَاءَ يَسْتَقِي بِبَعْضِهَا فِي إِثْرِ بَعْضٍ، كَمَا يَتَأَلَّبُ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ.
(أَلَتَ) الْهَمْزَةُ وَاللَّامُ وَالتَّاءُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، تَدُلُّ عَلَى النُّقْصَانِ، يُقَالُ: أَلَتَهُ يَأْلِتُهُ، أَيْ: نَقَصَهُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: لَا يَأْلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا أَيْ: لَا يَنْقُصُكُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute