للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَفْسِيرُ ذَلِكَ: الْأَوَّلُ الْحَفِيفُ حَفِيفُ الشَّجَرِ وَنَحْوِهِ، وَكَذَلِكَ حَفِيفُ جَنَاحِ الطَّائِرِ.

وَالثَّانِي: قَوْلُهُمْ حَفَّ الْقَوْمُ بِفُلَانٍ إِذَا أَطَافُوا بِهِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} [الزمر: ٧٥] . وَمِنْ ذَلِكَ حِفَافَا كُلِّ شَيْءٍ: جَانِبَاهُ. قَالَ طَرَفَةُ:

كَأَنَّ جَنَاحَيْ مَضْرَحِيٍّ تَكَنَّفَا ... حِفَافَيْهِ شُكًّا فِي الْعَسِيبِ بِمَسْرَدِ

وَمِنْ هَذَا الْبَابِ: هُوَ عَلَى حَفَفِ أَمْرٍ أَيْ نَاحِيَةٍ مِنْهُ، وَكُلُّ نَاحِيَةِ شَيْءٍ فَإِنَّهَا تُطِيفُ بِهِ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُمْ: " فُلَانٌ يَحُفُّنَا وَيَرُفُّنَا " كَأَنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَيْنَا فَيُعْطِينَا وَيَمِيرُنَا.

وَالثَّالِثُ: الْحُفُوفُ وَالْحَفَفُ، وَهُوَ شِدَّةُ الْعَيْشِ وَيُبْسُهُ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: حَفَّتْ أَرْضُنَا وَقَفَّتْ، إِذَا يَبِسَ بَقْلُهَا. وَهُوَ كَالشَّظَفِ. وَيُقَالُ: هُمْ فِي حَفَفٍ مِنَ الْعَيْشِ، أَيْ ضِيقٍ وَمَحْلٍ، ثُمَّ يُجْرَى هَذَا حَتَّى يُقَالَ رَأْسُ فُلَانٍ مَحْفُوفٌ وَحَافٌّ، إِذَا بَعُدَ عَهْدُهُ بِالدُّهْنِ، ثُمَّ يُقَالُ حَفَّتِ الْمَرْأَةُ وَجْهَهَا مِنَ الشَّعْرِ. وَاحْتَفَفْتُ النَّبْتَ إِذَا جَزَزْتَهُ.

(حَقَّ) الْحَاءُ وَالْقَافُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى إِحْكَامِ الشَّيْءِ وَصِحَّتِهِ. فَالْحَقُّ نَقِيضُ الْبَاطِلِ، ثُمَّ يَرْجِعُ كُلُّ فَرْعٍ إِلَيْهِ بِجَوْدَةِ الِاسْتِخْرَاجِ وَحُسْنِ التَّلْفِيقِ وَيُقَالُ حَقَّ الشَّيْءُ وَجَبَ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: يَقُولُ الْعَرَبُ: " إِنَّكَ لَتَعْرِفُ الْحِقَّةَ عَلَيْكَ، وَتُعْفِي بِمَا لَدَيْكَ ". وَيَقُولُونَ: " لَمَّا عَرَفَ الْحِقَّةَ مِنِّي انْكَسَرَ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>