يَرْتَحِلُونَ. قُلْنَا فِي هَذَا: وَإِنْ خَفَّ نُزُولُهُمْ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْقِيَاسِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، لِأَنَّهُمْ لَا بُدَّ [لَهُمْ] مِنَ الْمُقَامِ. قَالَ زُهَيْرٌ:
وَعَرَّسُوا سَاعَةً فِي كُثْبِ أَسْنُمَةٍ ... وَمِنْهُمُ بِالْقَسُومِيَّاتِ مُعْتَرَكُ
وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
مُعَرِّسًا فِي بَيَاضِ الصُّبْحِ وَقْعَتُهُ ... وَسَائِرُ السَّيْرِ إِلَّا ذَاكَ مُنْجَذِبُ
وَمِنَ الْبَابِ: عَرَسْتُ الْبَعِيرَ أَعْرِسُهُ عَرْسًا، وَهُوَ أَنْ تَشُدَّ عُنُقَهُ مَعَ يَدَيْهِ وَهُوَ بَارِكٌ. وَهَذَا يَرْجِعُ إِلَى مَا قُلْنَاهُ.
وَمِمَّا يَقْرُبُ مِنْ هَذَا الْبَابِ الْمُعَرَّسُ: الَّذِي عُمِلَ لَهُ عَرْسٌ، وَهُوَ الْحَائِطُ يُجْعَلُ بَيْنَ حَائِطَيِ الْبَيْتِ، لَا يُبْلَغُ بِهِ أَقْصَاهُ، ثُمَّ يُوضَعُ الْجَائِزُ مِنْ طَرَفِ الْعَرْسِ الدَّاخِلِ إِلَى أَقْصَى الْبَيْتِ، وَيُسَقَّفُ الْبَيْتُ كُلُّهُ.
وَمِنْ أَمْثَالِهِمْ: " لَا مَخْبَأَ لِعِطْرٍ بَعْدَ عَرُوسٍ "، وَأَصْلُهُ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمَّا بَنَى بِهَا وَجَدَهَا تَفِلَةً، فَقَالَ لَهَا: أَيْنَ الطِّيبُ؟ فَقَالَتْ: خَبَّأْتُهُ! فَقَالَ: لَا مَخْبَأَ لِعِطْرٍ بَعْدَ عَرُوسٍ.
(عَرَشَ) الْعَيْنُ وَالرَّاءُ وَالشِّينُ أَصْلٌ صَحِيحٌ وَاحِدٌ، يَدُلُّ عَلَى ارْتِفَاعٍ فِي شَيْءٍ مَبْنِيٍّ، ثُمَّ يُسْتَعَارُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ. مِنْ ذَلِكَ الْعَرْشُ، قَالَ الْخَلِيلُ: الْعَرْشُ: سَرِيرُ الْمَلِكِ. وَهَذَا صَحِيحٌ، قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} [يوسف: ١٠٠] ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute