للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنَ الْبَابِ الصُّعَدَاءُ، وَهُوَ تَنَفُّسٌ بِتَوَجُّعٍ، فَهُوَ نَفَسٌ يَعْلُو، فَهُوَ مِنْ قِيَاسِ الْبَابِ، وَأَمَّا الصَّعُودُ مِنَ النُّوقِ فَهِيَ الَّتِي يَمُوتُ حُوَارُهَا فَتُرْفَعُ إِلَى وَلَدِهَا الْأَوَّلِ فَتَدِرُّ عَلَيْهِ. وَذَلِكَ - فِيمَا يُقَالُ - أَطْيَبُ لِلَبَنِهَا. وَيُقَالُ: بَلْ هِيَ الَّتِي تُلْقِي وَلَدَهَا. وَهُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ:

لَهَا لَبَنُ الْخَلِيَّةِ وَالصَّعُودِ

وَيُقَالُ: تَصَعَّدَنِي الْأَمْرُ، إِذَا شَقَّ عَلَيْكَ. قَالَ عُمَرُ: " مَا تَصَعَّدَتْنِي خُطْبَةُ النِّكَاحِ ". وَقَالَ بَعْضُهُمْ: " الْخُطْبَةُ صُعُدٌ، وَهِيَ عَلَى ذِي اللُّبِّ أَرْبَى ". وَمِمَّا يُقَارِبُ هَذَا قَوْلُ أَبِي عَمْرٍو: أَصْعَدَ فِي الْبِلَادِ: ذَهَبَ أَيْنَمَا تَوَجَّهَ. وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَعْشَى:

فَإِنْ تَسْأَلِي عَنِّي فَيَا رُبَّ سَائِلٍ ... حَفِيٍّ عَنِ الْأَعْشَى بِهِ حَيْثُ أَصْعَدَا

وَمِمَّا لَا يَبْعُدُ قِيَاسُهُ الصَّعْدَةُ مِنَ النِّسَاءِ: الْمُسْتَقِيمَةُ الْقَامَةِ، فَكَأَنَّهَا صَعْدَةٌ، وَهِيَ الْقَنَاةُ الْمُسْتَوِيَةُ تَنْبُتُ كَذَلِكَ، لَا تَحْتَاجُ إِلَى تَثْقِيفٍ.

(صَعَرَ) الصَّادُ وَالْعَيْنُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ مُطَّرِدٌ يَدُلُّ عَلَى مَيَلٍ فِي الشَّيْءِ. مِنْ ذَلِكَ الصَّعَرُ، وَهُوَ الْمَيَلُ فِي الْعُنُقِ. وَالتَّصْعِيرُ: إِمَالَةُ الْخَدِّ عَنِ النَّظَرِ عُجْبًا. وَرُبَّمَا كَانَ الْإِنْسَانُ وَالظَّلِيمُ أَصْعَرَ خِلْقَةً. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ} [لقمان: ١٨] وَهُوَ مِنَ الصَّيْعَرِيَّةِ، وَهُوَ اعْتِرَاضُ الْبَعِيرِ فِي سَيْرِهِ. وَالصَّيْعَرِيَّةُ: سِمَةٌ مِنْ سِمَاتِ النُّوقِ فِي أَعْنَاقِهَا، وَلَعَلًَّ فِيهَا اعْتِرَاضًا. قَالَ الْمُسَيَّبُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>