للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَوْمَانِ يَوْمُ مَقَامَاتٍ وَأَنْدِيَةٍ ... وَيَوْمُ سَيْرٍ إِلَى الْأَعْدَاءِ تَأْوِيبِ

قَالَ: وَالْفَعْلَةُ الْوَاحِدَةُ تَأْوِيبَةٌ. وَالتَّأْوِيبُ: التَّسْبِيحُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} [سبأ: ١٠] . قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: أَوَّبْتُ الْإِبِلَ: إِذَا رَوَّحْتُهَا إِلَى مَبَاءَتِهَا. وَيُقَالُ: تَأَوَّبَنِي، أَيْ: أَتَانِي لَيْلًا. قَالَ:

تَأَوَّبَنِي دَائِي الْقَدِيمُ فَغَلَّسَا ... أُحَاذِرُ أَنْ يَرْتَدَّ دَائِي فَأُنْكَسَا

قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَكَانَ الْأَصْمَعِيُّ يُفَسِّرُ الشِّعْرَ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ " الْإِيَابِ " أَنَّهُ مَعَ اللَّيْلِ، وَيَحْتَجُّ بِقَوْلِهِ:

تَأَوَّبَنِي دَاءٌ مَعَ اللَّيْلِ مُنْصِبُ

وَكَذَلِكَ يُفَسِّرُ جَمِيعَ مَا فِي الْأَشْعَارِ. فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّمَا الْإِيَابُ الرُّجُوعُ، أَيَّ وَقْتٍ رَجَعَ، تَقُولُ: قَدْ آبَ الْمُسَافِرُ. فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ أُوَضِّحَ لَهُ، فَقُلْتُ: قَوْلُ عَبِيدٍ:

وَكُلُّ ذِي غَيْبَةٍ يَؤُوبُ ... وَغَائِبُ الْمَوْتِ لَا يَؤُوبُ

أَهَذَا بِالْعَشِيِّ؟ فَذَهَبَ يُكَلِّمُنِي فِيهِ، فَقُلْتُ: فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ} [الغاشية: ٢٥] ، أَهَذَا بِالْعَشِيِّ؟ فَسَكَتَ. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: وَلَكِنَّ أَكْثَرَ مَا يَجِيءُ عَلَى مَا قَالَ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاهُ.

وَالْمَآبُ: الْمَرْجِعُ. قَالَ أَبُو زِيَادٍ: أُبْتُ الْقَوْمَ، أَيْ: إِلَى الْقَوْمِ. قَالَ:

أَنَّى وَمِنْ أَيْنَ آبَكَ الطَّرَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>