وَمِنَ الْبَابِ عِمَارَةُ الْأَرْضِ، يُقَالُ عَمَّرَ النَّاسُ الْأَرْضَ عِمَارَةً، وَهُمْ يَعْمُرُونَهَا، وَهِيَ عَامِرَةٌ مَعْمُورَةٌ. وَقَوْلُهُمْ: عَامِرَةٌ، مَحْمُولٌ عَلَى عَمَرَتِ الْأَرْضُ، وَالْمَعْمُورَةُ مَنْ عُمِرَتْ. وَالِاسْمُ وَالْمَصْدَرُ الْعُمْرَانُ: وَاسْتَعْمَرَ اللَّهُ - تَعَالَى - النَّاسَ فِي الْأَرْضِ لِيُعَمِّرُوهَا. وَالْبَابُ كُلُّهُ يُؤَوَّلُ إِلَى هَذَا.
وَأَمَّا الْآخَرُ فَالْعَوْمَرَةُ: الصِّيَاحُ وَالْجَلَبَةُ. وَيُقَالُ: اعْتَمَرَ الرَّجُلُ، إِذَا أَهَلَّ بِعُمْرَتِهِ، وَذَلِكَ رَفْعُهُ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ لِلْعُمْرَةِ. فَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ أَحْمَرَ:
يُهِلُّ بِالْفَرْقَدِ رُكْبَانُهَا ... كَمَا يُهِلُّ الرَّاكِبُ الْمُعْتَمِرْ
فَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ عِنْدَ الْإِهْلَالِ بِالْعُمْرَةِ. وَقَالَ قَوْمٌ: الْمُعْتَمِرُ: الْمُعْتَمُّ. وَأَيُّ ذَلِكَ كَانَ فَهُوَ مِنَ الْعُلُوِّ وَالِارْتِفَاعِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا.
قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: وَالْعَمَارُ: كُلُّ شَيْءٍ جَعَلْتَهُ عَلَى رَأْسِكَ، مِنْ عِمَامَةٍ، أَوْ قَلَنْسُوَةٍ أَوْ إِكْلِيلٍ أَوْ تَاجٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، كُلُّهُ عَمَارٌ. قَالَ الْأَعْشَى:
فَلَمَّا أَتَانَا بُعَيْدَ الْكَرَى ... سَجَدْنَا لَهُ وَرَفَعْنَا عَمَارَا
وَقَالَ قَوْمٌ: الْعَمَارُ يَكُونُ مِنْ رَيْحَانٍ أَيْضًا. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الْعَمَارُ: التَّحِيَّةُ. يُقَالُ عَمَّرَكَ اللَّهُ، أَيْ حَيَّاكَ. وَيَجُوزُ أَنَّ يَكُونَ هَذَا لِرَفْعِ الصَّوْتِ. وَمُمْكِنٌ أَنْ يَكُونَ الْحَيُّ الْعَظِيمُ يُسَمَّى عِمَارَةً لِمَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ جَلَبَةٍ وَصِيَاحٍ. قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute