قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: عَنَجْتُ الدَّلْوَ وَأَعْنَجْتُهَا. قَالَ أَبُو زَيْدٍ: الْعَنْجُ: جَذْبُكَ رَأْسَهَا وَأَنْتَ رَاكِبُهَا. يَعْنِي النَّاقَةَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مِنْ أَمْثَالِهِمْ فِي الَّذِي لَا يَقْبَلُ الرِّيَاضَةَ: " عَوْدٌ يُعَلِّمُ الْعَنْجَ ". وَأَمَّا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَوْلِهِ:
وَبَعْضُ الْقَوْلِ لَيْسَ لَهُ عِنَاجُ
فَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: الْعِنَاجُ فِي الْقَوْلِ: أَنْ يَكُونَ [لَهُ] حَصَاةٌ فَيَتَكَلَّمُ بِعِلْمٍ وَنَظَرٍ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عِنَاجٌ خَرَجَ مِنْهُ مَا لَا يُرِيدُ صَاحِبُهُ. وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَلَّا يَكُونَ لِكَلَامِهِ خِطَامٌ وَلَا زِمَامٌ، فَهُوَ يَذْهَبُ بِحَيْثُ لَا مَعْنَى لَهُ. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: عِنَاجُ أَمْرِ فُلَانٍ، أَيْ مَقَادُهُ وَمِلَاكُ أَمْرِهِ. وَأَمَّا الْعُنْجُوجُ فَالرَّائِعُ مِنَ الْخَيْلِ، وَالْجَمْعُ عَنَاجِيجُ. قَالَ الشَّاعِرُ:
نَحْنُ صَبَّحْنَا عَامِرًا وَعَبْسًا جُرْدًا ... عَنَاجِيجَ سَبَقْنَ الشَّمْسَا
فَمُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ اسْمًا مَوْضُوعًا مِنْ غَيْرِ قِيَاسٍ كَسَائِرِ مَا يَشِذُّ عَنِ الْأُصُولِ، وَمُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ سُمِّي بِذَلِكَ لِطُولِهِ أَوْ طُولِ عُنُقِهِ، فَقِيَاسٌ بِالْحَبْلِ الطَّوِيلِ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْعُنْجُوجُ مِنَ الْخَيْلِ: الطَّوِيلُ الْعُنُقُ، وَالْأُنْثَى عُنْجُوجَةٌ. وَمِمَّا يُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ قَوْلُهُمْ: اسْتَقَامَ عُنْجُوجُ الْقَوْمِ، أَيْ سَنَنُهُمْ. فَهَذَا يُصَحِّحُ ذَاكَ; لِأَنَّ السَّنَنَ يَمْتَدُّ أَيْضًا.
وَمِمَّا حُمِلَ عَلَى هَذَا تَشْبِيهًا قَوْلُهُمْ: عَنَاجِيجُ الشَّبَابِ، وَهِيَ أَسْبَابُهُ. قَالَ ابْنُ أَحْمَرَ:
وَمَضَتْ عَنَاجِيجُ الشَّبَابِ الْأَغْيَدِ
وَيَقُولُونَ: رَجُلٌ مِعْنَجٌ، إِذَا تَعَرَّضَ فِي الْأُمُورِ، كَأَنَّهُ أَبَدًا يُمَدُّ بِسَبَبٍ مِنْهَا فَيَتَعَلَّقُ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute