الْخَلِيلُ صَحِيحٌ، إِلَّا أَنَّ الْعَرْصَ إِنَّمَا هُوَ السَّقْفُ بِتِلْكَ الْخَشَبَةِ وَسَائِرِ مَا يَتِمُّ بِهِ التَّسْقِيفُ.
وَقَالَ الْخَلِيلُ أَيْضًا: الْعَرَّاصُ مِنَ السَّحَابِ: مَا أَظَلَّ مِنْ فَوْقٍ فَقَرُبَ حَتَّى صَارَ كَالسَّقْفِ، لَا يَكُونُ إِلَّا ذَا رَعْدٍ وَبَرْقٍ. فَقَدْ قَاسَ الْخَلِيلُ قِيَاسَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْإِظْلَالِ فِي السَّقْفِ وَالسَّحَابِ. وَأَنْشَدَ:
يَرْقَدُّ فِي ظِلِّ عَرَّاصٍ وَيَطْرُدُهُ ... حَفِيفُ نَافِجَةٍ عُثْنُونُهَا حَصِبُ
أَلَا تَرَاهُ جَعَلَ لَهُ ظِلًّا.
وَالْأَصْلُ الْآخَرُ الدَّالُّ عَلَى الِاضْطِرَابِ. قَالَ الْخَلِيلُ: الْعَرَّاصُ أَيْضًا مِنَ السَّحَابِ: مَا ذَهَبَتْ بِهِ الرِّيحُ وَجَاءَتْ. قَالَ: وَأَصْلُ التَّعْرِيصِ الِاضْطِرَابُ، وَمِنْهُ قِيلَ: رُمْحٌ عَرَّاصٌ، لِاضْطِرَابِهِ إِذَا هُزَّ. قَالَ أَبُو عَمْرٍو: وَيُقَالُ ذَلِكَ فِي السَّيْفِ أَيْضًا، وَذَلِكَ لِبَرِيقِهِ وَلَمَعَانِهِ. وَرُمْحٌ عَرَّاصُ الْمِهَزَّةِ، وَبَرْقٌ عَرَّاصٌ. قَالَ:
وَكُلُّ غَادٍ عَرِصِ التَّبَوُّجِ
وَمِنَ الْبَابِ: عَرْصَةُ الدَّارِ، وَهِيَ وَسْطُهَا، وَالْجَمْعُ عَرَصَاتٌ وَعِرَاصٌ. قَالَ جَمِيلٌ:
وَمَا يُبْكِيكَ مِنْ عَرَصَاتِ دَارٍ ... تَقَادَمَ عَهْدُهَا وَدَنَا بِلَاهَا
وَيُقَالُ: سُمِّيَتْ عَرْصَةً لِأَنَّهَا كَانَتْ مَلْعَبًا لِلصِّبْيَانِ وَمُخْتَلَفًا لَهُمْ يَضْطَرِبُونَ فِيهِ كَيْفَ شَاءُوا. وَكَانَ الْأَصْمَعِيُّ يَقُولُ: كُلُّ جَوْبَةٍ مُنْفَتِقَةٍ لَيْسَ فِيهَا بِنَاءٌ فَهِيَ عَرْصَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute