لَمَّا رَأَتْ صَدَأَ الْحَدِيدِ بِجِلْدِهِ ... فَاللَّوْنُ أَوْرَقُ وَالْبَنَانُ قِصَارُ
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السِّرِّيِّ الزَّجَّاجُ: وَاحِدُ الْبَنَانِ بَنَانَةٌ. وَمَعْنَاهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [الأنفال: ١٢] ، الْأَصَابِعُ وَغَيْرُهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ. وَإِنَّمَا اشْتِقَاقُ الْبَنَانِ مِنْ قَوْلِهِمْ أَبَنَّ بِالْمَكَانِ: إِذَا أَقَامَ; فَالْبَنَانُ بِهِ يُعْتَمَدُ كُلُّ مَا يَكُونُ لِلْإِقَامَةِ وَالْحَيَاةِ. قَالَ الْخَلِيلُ: وَالْبَنَّةُ الرِّيحُ مِنْ أَرْبَاضِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالظِّبَاءِ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ فِي الطِّيبِ، فَيُقَالُ: أَجِدُ فِي هَذَا الثَّوْبِ بَنَّةً طَيِّبَةً مِنْ عُرْفِ تُفَّاحٍ أَوْ سَفَرْجَلَ. وَأَنْشَدَ:
بَلَّ الذُّنَابَى عَبَسًا مُبِنَّا وَهَذَا أَيْضًا مِنَ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ الرَّائِحَةَ تَلْزَمُ. وَقَالَ الرَّاجِزُ فِي الْإِبْنَانِ وَهُوَ الْإِقَامَةُ:
قَلَائِصًا لَا يَشْتَكِينَ الْمَنَّا ... لَا يَنْتَظِرْنَ الرَّجُلَ الْمُبِنَّا
قَالَ أَبُو عَمْرٍو: الْبَنِينُ مِنَ الرِّجَالِ الْعَاقِلُ الْمُتَثَبِّتُ. قَالَ: وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْبَنَّةِ. وَالْبُنَانَةُ الرَّوْضَةُ الْمُعْشِبَةُ الْحَالِيَةُ. وَمِنْهُ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، وَهُوَ مِنْ وَلَدِ سَعْدِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ، كَانَتْ لَهُ حَاضِنَةٌ تُسَمَّى بُنَانَةَ. وَهَذَا مِنْ ذَاكَ الْأَوَّلِ، لِأَنَّ الرَّوْضَةَ الْمُعْشِبَةَ لَا تَعْدَمُ الرَّائِحَةَ الطَّيِّبَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute