للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْأَوَّلُ الْقِمَعُ مَعْرُوفٌ، يُقَالُ قِمَعٌ وَقِمْعٌ. وَفِي الْحَدِيثِ: " «وَيْلٌ لِأَقْمَاعِ الْقَوْلِ» "، وَهُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَلَا يَعُونَ، فَكَأَنَّ آذَانَهُمْ كَالْأَقْمَاعِ الَّتِي لَا يَبْقَى فِيهَا شَيْءٌ. وَيَقُولُونَ: اقْتَمَعْتُ مَا فِي السِّقَاءِ، إِذَا شَرِبْتُهُ كُلَّهُ، وَمَعْنَاهُ أَنَّكَ صِرْتَ لَهُ كَالْقِمَعِ.

وَالْأَصْلُ الْآخَرُ، وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ بِمَعْنًى لَطِيفٍ، وَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: قَمَعْتُهُ: أَذْلَلْتُهُ. وَمِنْهُ قَمَعْتُهُ، إِذَا ضَرَبْتُهُ بِالْمِقْمَعِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ} [الحج: ٢١] . وَسُمِّيَ قَمَعَةُ بْنُ إِلْيِاسَ لِأَنَّ أَبَاهُ أَمَرَهُ بِأَمْرٍ فَانْقَمَعَ فِي بَيْتِهِ، فَسُمِّيَ قَمَعَةَ. وَالْقِيَاسُ فِي هَذَا وَالْأَوَّلِ مُتَقَارِبٌ; لِأَنَّ فِيهِ الْوُلُوجَ فِي بَيْتِهِ وَكَذَلِكَ الْمَاءُ يَنْقَمِعُ فِي الْقِمَعِ. وَالْأَصْلُ الْآخَرُ الْقَمَعُ: الذُّبَابُ الْأَزْرَقُ الْعَظِيمُ. يُقَالُ: تَرَكْنَاهُ يَتَقَمَّعُ الذِّبَّانُ مِنَ الْفَرَاغِ، أَيْ يَذُبُّهَا كَمَا يَتَقَمَّعُ الْحِمَارُ. وَتُسَمَّى تِلْكَ الذِّبَّانُ: الْقَمَعُ. قَالَ أَوْسٌ:

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ نَصْرَهُ ... وَعُفْرُ الظِّبَاءِ فِي الْكِنَاسِ تَقَمَّعُ

وَيُقَالُ: أَقْمَعْتُ الرَّجُلَ عَنِّي، إِذَا رَدَدْتَهُ عَنْكَ. وَهُوَ مِنْ هَذَا، كَأَنَّهُ طَرَدَهُ. وَمِمَّا حُمِلَ عَلَى التَّشْبِيهِ بِهَذَا، الْقَمَعُ: مَا فَوْقَ السَّنَاسِنِ مِنْ سَنَامِ الْبَعِيرِ مِنْ أَعْلَاهُ. وَمِنْهُ الْقَمَعُ: غِلَظٌ فِي إِحْدَى رُكْبَتَيِ الْفَرَسِ. وَالْقَمَعُ: بَثْرَةٌ تَكُونُ فِي الْمُوقِ مِنْ زِيَادَةِ اللَّحْمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>