للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَنْ بِنَجْوَتِهِ كَمَنْ بِعَقْوَتِهِ ... وَالْمُسْتَكِنُّ كَمَنْ يَمْشِي بِقِرْوَاحِ

وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ لَمَّا نَجَا مِنَ السَّيْلِ فَكَأَنَّهُ الشَّيْءُ الَّذِي يَنْجُو مِنْ شَيْءٍ بِذَهَابٍ عَنْهُ، فَهَذَا مَعْنَى الْمَحْمُولِ.

وَقَوْلُهُمْ: بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ نَجَاوَةٌ مِنَ الْأَرْضِ، أَيْ سِعَةٌ، مِنَ الْبَابِ ; لِأَنَّهُ مَكَانٌ يُسْرَعُ فِيهِ وَيُنْجَى. وَفِي الْحَدِيثِ: «إِذَا سَافَرْتُمْ فِي الْجَدْبِ فَاسْتَنْجُوا» ، يُرِيدُ لَا تُبْطِئُوا فِي السَّيْرِ، وَلَكِنِ انْكَشِفُوا وَمُرُّوا.

وَمِنَ الْبَابِ النَّجْوُ: السَّحَابُ، وَالْجَمْعُ النِّجَاءُ ; وَهُوَ مِنَ انْكِشَافِهِ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: أَنْجَتِ السَّحَابَةُ: وَلَّتْ. وَقَوْلُهُمْ: اسْتَنْجَى فُلَانٌ، قَالُوا هُوَ مِنَ النَّجْوَةِ، كَأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا أَرَادَ قَضَاءَ حَاجَتِهِ أَتَى نَجْوَةً مِنَ الْأَرْضِ تَسْتُرُهُ، فَقِيلَ لِمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ اسْتَنْجَى، كَمَا قَالُوا: تَغَوَّطَ، أَيْ أَتَى غَائِطًا.

وَمِنَ الْبَابِ نَجَوْتُ فُلَانًا: اسْتَنْكَهْتُهُ، كَأَنَّكَ أَرَدْتَ اسْتِكْشَافَ حَالٍ فِيهِ. قَالَ:

نَجَوْتُ مُجَالِدًا فَوَجَدْتُ فِيهِ ... كَرِيحِ الْكَلْبِ مَاتَ حَدِيثَ عَهْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>