للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْبَلَايَا رُءُوسُهَا فِي الْوَلَايَا ... مَانِحَاتِ السَّمُومِ حُرَّ الْخُدُودِ

وَمِنْهَا مَا يُعْقَرُ عِنْدَ الْقَبْرِ حَتَّى تَمُوتَ. قَالَ:

تَكُوسُ بِهِ الْعَقْرَى عَلَى قِصَدِ الْقَنَا ... كَكَوْسِ الْبَلَايَا عُقِّرَتْ عِنْدَ مَقْبَرِ

وَيُقَالُ مِنْهُ بَلَّيْتُ الْبَلِيَّةَ. قَالَ الْيَزِيدِيُّ: كَانَتِ الْعَرَبُ تَسْلَخُ رَاحِلَةَ الرَّجُلِ بَعْدَ مَوْتِهِ، ثُمَّ تَحْشُوهَا ثُمَامًا ثُمَّ تَتْرُكُهَا عَلَى طَرِيقِهِ إِلَى النَّادِي. وَكَانُوا يَزْعُمُونَ أَنَّهَا تُبْعَثُ مَعَهُ، وَأَنَّ مَنْ لَمْ يُفْعَلْ بِهِ ذَلِكَ حُشِرَ رَاجِلًا.

قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: يُقَالُ بَلَّى عَلَيْهِ السَّفَرُ وَبَلَّاهُ. وَأَنْشَدَ:

قَلُوصَانِ عَوْجَاوَانِ بَلَّى عَلَيْهِمَا ... دُءُوبُ السُّرَى ثُمَّ اقْتِحَامُ الْهَوَاجِرِ

يُرِيدُ بَلَاهُمَا.

قَالَ الْخَلِيلُ: تَقُولُ نَاقَةٌ بِلْوُ سَفَرٍ، مِثْلَ نِضْوِ سَفَرٍ، أَيْ قَدْ أَبْلَاهَا السَّفَرُ. وَبِلْيُ سَفَرٍ، عَنِ الْكِسَائِيِّ.

وَأَمَّا الْأَصْلُ الْآخَرُ فَقَوْلُهُمْ بُلِيَ الْإِنْسَانُ وَابْتُلِيَ، وَهَذَا مِنَ الِامْتِحَانِ، وَهُوَ الِاخْتِبَارُ. وَقَالَ:

بُلِيتُ وَفُِقْدَانُ الْحَبِيبِ بَلِيَّةٌ ... وَكَمْ مِنْ كِرِيمٍ يُبْتَلَى ثُمَّ يَصْبِرُ

وَيَكُونُ الْبَلَاءُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ. وَاللَّهُ تَعَالَى يُبْلِي الْعَبْدَ بَلَاءً حَسَنًا وَبَلَاءً سَيِّئًا، وَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى هَذَا ; لِأَنَّ بِذَلِكَ يُخْتَبَرُ فِي صَبْرِهِ وَشُكْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>