للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَضْرِبُ الْعَرَبُ بِهَا مَثَلًا لِلَّذِي يُخَالِفُ الْقَوْمَ فِي رَائِهِمْ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى قَوْلِهِمْ. فَيَقُولُونَ " نَاوَصَ الْجُرَّةَ ثُمَّ سَالَمَهَا ". وَالْجَرَّةُ مِنَ الْفَخَّارِ، لِأَنَّهَا تُجَرُّ لِلِاسْتِقَاءِ أَبَدًا. وَالْجَرُّ شَيْءٌ يُتَّخَذُ مِنْ سُلَاخَةِ عُرْقُوبِ الْبَعِيرِ، تَجْعَلُ فِيهِ الْمَرْأَةُ الْخَلْعَ ثُمَّ تُعَلِّقُهُ عِنْدَ الظَّعْنِ مِنْ مُؤَخَّرِ عِكْمِهَا، فَهُوَ أَبَدًا يَتَذَبْذَبُ. قَالَ:

زَوْجُكِ يَا ذَاتَ الثَّنَايَا الْغُرِّ ... وَالرَّتِلَاتِ وَالْجَبِينِ الْحُرِّ

أَعْيَا فَنُطْنَاهُ مَنَاطَ الْجَرِّ ... ثُمَّ شَدَدْنَا فَوْقَهُ بِمَرِّ

وَمِنَ الْبَابِ رَكِيٌّ جَرُورٌ، وَهِيَ الْبَعِيدَةُ الْقَعْرِ يُسْنَى عَلَيْهَا، وَهِيَ الَّتِي يُجَرُّ مَاؤُهَا جَرًّا. وَالْجَرَّةُ الْخُبْزَةُ تُجَرُّ مِنَ الْمَلَّةِ. قَالَ:

وَصَاحِبٍ صَاحَبْتُهُ خِبٍّ دَنِعْ ... دَاوَيْتُهُ لَمَّا تَشَكَّى وَوَجِعْ

بِجَرَّةٍ مِثْلَ الْحِصَانِ الْمُضْطَجِعْ

فَأَمَّا الْجَرْجَرَةُ، وَهُوَ الصَّوْتُ الَّذِي يُرَدِّدُهُ الْبَعِيرُ فِي حَنْجَرَتِهِ فَمِنَ الْبَابِ أَيْضًا، لِأَنَّهُ صَوْتٌ يَجُرُّهُ جَرًّا، لَكِنَّهُ لَمَّا تَكَرَّرَ قِيلَ جَرْجَرَ، كَمَا يُقَالُ صَلَّ وَصَلْصَلَ. وَقَالَ الْأَغْلَبُ:

جَرْجَرَ فِي حَنْجَرَةٍ كَالْحُبِّ ... وَهَامَةٍ كَالْمِرْجَلِ الْمُنْكَبِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>