فَالْحَضَرُ خِلَافُ الْبَدْوِ. وَسُكُونُ الْحَضَرِ الْحِضَارَةُ. قَالَ:
فَمَنْ تَكُنِ الْحَضَارَةُ أَعْجَبَتْهُ ... فَأَيَّ رِجَالِ بَادِيَةٍ تَرَانَا
قَالَهَا أَبُو زَيْدٍ بِالْكَسْرِ، وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ هِيَ الْحَضَارَةُ بِالْفَتْحِ. فَأَمَّا الْحُضْرُ الَّذِي هُوَ الْعَدْوُ فَمِنَ الْبَابِ أَيْضًا، لِأَنَّ الْفَرَسَ وَغَيْرَهُ يُحْضِرَانِ مَا عِنْدَهُمَا مِنْ ذَلِكَ، يُقَالُ أَحْضَرَ الْفَرَسُ، وَهُوَ فَرَسٌ مِحْضِيرٌ سَرِيعٌ الْحُضْرِ، وَمِحْضَارٌ. وَيُقَالُ حَاضَرْتُ الرَّجُلَ، إِذَا عَدَوْتَ مَعَهُ. وَقَوْلُ الْعَرَبِ: " اللَّبَنُ مَحْضُورٌ " فَمَعْنَاهُ كَثِيرُ الْآفَةِ، وَيَقُولُونَ إِنَّ الْجَانَّ تَحْضُرُهُ. وَيَقُولُونَ: " الْكُنُفُ مَحْضُورَةٌ ". وَتَأَوَّلَ نَاسٌ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} [المؤمنون: ٩٧] ، أَيْ أَنَّ يُصِيبُونِي بِسُوءٍ. وَالْبَابُ كُلُّهُ وَاحِدٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَحْضُرُونَهُ بِسُوءٍ. وَيُقَالُ لِلْحَاضِرِ وَهِيَ الْحَيُّ الْعَظِيمُ. قَالَ حَسَّانُ:
لَنَا حَاضِرٌ فَعْمٌ وَبَادٍ كَأَنَّهُ ... قَطِينُ الْإِلَهِ عِزَّةً وَتَكَرُّمًا
وَيَرْوِي نَاسٌ:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كَأَنَّهُ شَمَارِيخُ رَضْوَى عِزَّةً وَتَكَرُّمًا
وَأَنْكَرَتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ وَقَالُوا: أَيُّ عِزَّةٍ وَتَكَرُّمٍ لِشَمَارِيخِ رَضْوَى. وَالْحَضِيرَةُ: الْجَمَاعَةُ لَيْسَتْ بِالْكَثِيرَةِ. قَالَ:
يَرِدُ الْمِيَاهَ حَضِيرَةً وَنَفِيضَةً ... وِرْدَ الْقَطَاةِ إِذَا اسْمَأَلَّ التُّبَّعُ
وَيُقَالُ الْمُحَاضَرَةُ الْمُغَالَبَةُ، وَحَاضَرْتُ الرَّجُلَ: جَاثَيْتُهُ عِنْدَ سُلْطَانٍ أَوْ حَاكِمٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute