للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَالْحَجْوَةُ وَهِيَ الْحَدَقَةُ، لِأَنَّهَا مِنْ أَحْدَقَ بِالشَّيْءِ. وَيُقَالُ لِنَوَاحِي الْبِلَادِ وَأَطْرَافِهَا الْمُحِيطَةِ بِهَا أَحْجَاءٌ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

لَا يُحْرِزُ الْمَرْءَ أَحْجَاءُ الْبِلَادِ وَلَا ... يُبْنَى لَهُ فِي السَّمَاوَاتِ السَّلَالِيمُ

وَمُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ مِنْ هَذَا الْبَابِ الْحَجَاةُ، وَهِيَ النُّفَّاخَةُ تَكُونُ عَلَى الْمَاءِ مِنْ قَطْرِ الْمَطَرِ، لِأَنَّهَا مُسْتَدِيرَةٌ.

وَالْأَصْلُ الثَّانِي قَوْلُهُمْ: تَحَجَّيْتُ الشَّيْءَ، إِذَا تَحَرَّيْتَهُ وَتَعَمَّدْتَهُ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

فَجَاءَتْ بَأَغْبَاشٍ تَحَجَّى شَرِيعَةً

وَيَقُولُونَ حَجِيتُ بِالْمَكَانِ وَتَحَجَّيْتُ بِهِ. قَالَ:

حَيْثُ تَحَجَّى مُطْرِقٌ بِالْفَالِقِ

وَالْحَجْوُ بِالشَّيْءِ: الضَّنُّ بِهِ ; يُقَالُ حَجِئْتُ بِهِ أَيْ ضَنِنْتُ. وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ حَجْوَةً. وَحَجَأْتُ بِهِ: فَرِحْتُ. وَقَدْ قُلْنَا إِنَّ الْبَابَيْنِ مُتَقَارِبَانِ، وَالْقِيَاسُ فِيهِمَا لِمَنْ نَظَرَ قِيَاسٌ وَاحِدٌ.

فَأَمَّا الْأُحْجِيَّةُ وَالْحُجَيَّا، وَهِيَ الْأُغْلُوطَةُ يَتَعَاطَاهَا النَّاسُ بَيْنَهُمْ، يَقُولُ أَحَدُهُمْ: أُحَاجِيكَ مَا كَذَا ; فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَاذًّا عَنْ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِمَا، فَيُقَالُ أَحَاجِيكَ، أَيِ اقْصِدْ وَانْظُرْ وَتَعَمَّدْ لِعِلْمِ مَا أَسْأَلُكَ عَنْهُ.

وَمِنْهُ أَنْتَ حَجٍ أَنْ تَفْعَلَ كَذَا، كَمَا تَقُولُ حَرِيٌّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>