للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَوَّمْتُ الزَّعْفَرَانَ: دُفْتُهُ; وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ يَسْكُنُ فِيمَا يُدَافُ فِيهِ. وَاسْتَدَمْتُ الْأَمْرَ، إِذَا رَفَقْتَ بِهِ. وَكَذَا يَقُولُونَ. وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إِذَا رَفَقَ بِهِ وَلَمْ يَعْنُفْ وَلَمْ يَعْجَلْ دَامَ لَهُ. قَالَ:

فَلَا تَعْجَلْ بِأَمْرِكَ وَاسْتَدِمْهُ ... فَمَا صَلَّى عَصَاكَ كَمُسْتَدِيمِ

وَأَمَّا قَوْلُهُ:

وَقَدْ يُدَوِّمُ رِيقَ الطَّامِعِ الْأَمَلُ

فَيَقُولُونَ: يُدَوِّمُ يَبُلُّ، وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ، إِنَّمَا يُدَوِّمُ يُبْقِي; وَذَلِكَ أَنَّ الْيَائِسَ يَجِفُّ رِيقُهُ. وَالدِّيمَةُ: مَطَرٌ يَدُومُ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَوْ أَكْثَرَ.

وَمِنَ الْبَابِ أَنَّ عَائِشَةَ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا] سُئِلَتْ عَنْ عَمَلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: " «كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً» "، أَيْ دَائِمًا. وَالْمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ يَدُومُ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ قَلَّلَ، أَوْ كَثَّرَ، وَلَكِنَّهُ كَانَ لَا يُخِلُّ. تَعْنِي بِذَلِكَ فِي عِبَادَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَمَّا قَوْلُهُمْ دَوَّمَتْهُ الْخَمْرُ، فَهُوَ مِنْ ذَاكَ; لِأَنَّهَا تُخَثِّرُهُ حَتَّى تَسْكُنَ حَرَكَاتُهُ. وَالدَّأْمَاءُ: الْبَحْرُ، وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْبَابِ; لِأَنَّهُ مَاءٌ مُقِيمٌ لَا يُنْزَحُ وَلَا يَبْرَحُ. قَالَ:

وَاللَّيْلُ كَالدَّأْمَاءِ مُسْتَشْعِرٌ ... مِنْ دُونِهِ لَوْنًا كَلَوْنِ السَُّدُوسْ

<<  <  ج: ص:  >  >>