للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى حِمْيَرِيَّاتٍ كَأَنَّ عُيُونَهَا ... ذِمَامُ الرَّكَايَا أَنْكَزَتْهَا الْمَوَاتِحُ

أَنْكَزَتْهَا: أَذْهَبَتْ مَاءَهَا. وَالْمَوَاتِحُ: الْمُسْتَقِيَةُ.

فَأَمَّا الْعَهْدُ فَإِنَّهُ يُسَمَّى ذِمَامًا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُذَمُّ عَلَى إِضَاعَتِهِ مِنْهُ. وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لِلْعَرَبِ مُسْتَعْمَلَةٌ، وَذَلِكَ كَقَوْلِهِمْ: فُلَانٌ حَامِي الذِّمَارِ، أَيْ يَحْمِي الشَّيْءَ الَّذِي يُغْضِبُ. وَحَامِي الْحَقِيقَةِ، أَيْ يَحْمِي مَا يَحِقُّ عَلَيْهِ أَنْ يَمْنَعَهُ.

وَأَهْلُ الذِّمَّةِ: أَهْلُ الْعَقْدِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الذِّمَّةُ الْأَمَانُ، فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: " «وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ» ". وَيُقَالُ أَهْلُ الذِّمَّةِ لِأَنَّهُمْ أَدَّوُا الْجِزْيَةَ فَأَمِنُوا عَلَى دِمَائِهِمْ، وَأَمْوَالِهِمْ. وَيُقَالُ فِي الذِّمَامِ مَذَمَّةٌ وَمَذِمَّةٌ، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، وَفِي الذَّمِّ مَذَمَّةٌ بِالْفَتْحِ. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: " «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: مَا يُذْهِبُ عَنِّي مَِذَمَّةَ الرَِّضَاعِ؟ فَقَالَ: غُرَّةٌ: عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ» ". يَعْنِي بِمَذَمَّةِ الرَِّضَاعِ ذِمَامَ الْمُرْضِعَةِ. وَكَانَ النَّخَعِيُّ يَقُولُ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ: إِنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَرْضَخُوا عِنْدَ فِصَالِ الصَّبِيِّ لِلظِّئْرِ بِشَيْءٍ سِوَى الْأَجْرِ. فَكَأَنَّهُ سَأَلَهُ: مَا يُسْقِطُ عَنِّي حَقَّ الَّتِي أَرْضَعَتْنِي حَتَّى أَكُونَ قَدْ أَدَّيْتُ حَقَّهَا كَامِلًا. حَدَّثَنَا بِذَلِكَ الْقَطَّانُ عَنِ الْمُفَسِّرِ عَنِ الْقُتَيْبِيِّ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَذْهِبْ مَذَمَّتَهُمْ بِشَيْءٍ; أَيْ أَعْطِهِمْ شَيْئًا; فَإِنَّ لَهُمْ عَلَيْكَ ذِمَامًا. وَيُقَالُ افْعَلْ كَذَا وَخَلَاكَ ذَمٌّ، أَيْ وَلَا ذَمَّ عَلَيْكَ. وَيُقَالُ أَذَمَّ فُلَانٌ بِفُلَانٍ، إِذَا تَهَاوَنَ بِهِ. وَأَذَمَّ بِهِ بَعِيرُهُ، إِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>