فتقول على هذا الحد إن كلهم لَمَّا يُحبّني - معناه يؤول إلى معنى ما كلهم إلا
يُحبّني، وكذلك يجوز إنْ كلًّا لما يُحِبُّني، بحذاء إنْ كلًّا لَما يُحِبُّنِي، فدخلت
" لَمَّا " محققَةً كما دخلت اللام محَققةً وصار تأويل الجملة تأويل المنفي
والمحقق.
وحكى سيبويه وجميع البصريين أن " لَمَّا " تستعمل بمعنى إلا.
ويجوز إن كلا لَمًّا لَيُوفينهم، معناه وأن كُلًّا لَيُوفَينهم جَمْعاً.
لأن معنى اللَّمّ الجمع
يقال لممت الشيء ألمُه لَمًّا إذا جَمعْتُه.
فَأمَّا قولهم: لَمَّ اللَّه شَعَثَك، فتأويله جمع اللَّه لك ما يُذْهِبُ شَعَثَك.
* * *
وقوله تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (١١٤)
فَطَرفا النهار غُدُوُّه وعَشِيه، وصلاة طرفي الئهارِ الغدَاة والظهر والعصرُ.
(وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ).
ويجوز وزُلُفاً من الليل - بضم الزاي واللام - وهو منصوب على الظرف
كما تقول حَيِّنَا طَرفي النهارِ وأول الليل - ومعنى (زُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ) الصلاة القريبة من أول الليل، وزلَفاً جمع زُلْفة، يعنى بالزلف من الليل المغرب وعشاء الآخرة.
(إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ).
أي إن هذه الصلوات تكفر ما بينها من الذنوب.
وهذا يُصَدِّقُ ما في الخبر مِنْ تكفير الصَّلَواتِ الذنوبَ.
والزُلُف واحد مثل الحُلُم. وجائز أنْ يكونَ جَمْعاً - على زَلِيف مِنَ الليل
فيكون مثلَ القَرِيبِ والقُرُب، ولكن الزُّلَف أجودُ في الجمع.
وما علمت أنَّ زَليفاً يستعملُ في الليْل