وقوله: (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (١٣)
المعنى كالمعنى من قوله: (فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ).
أعلم اللَّه - جل ثناؤه أنهم لَا يؤمِئونَ وَلَوْ أبْقَاهمْ أبَداً. فجائز أن يكون جَعَلَ
جَزاءَهُمْ الطبْعَ عَلَى قُلوبِهم، وَجَائز أن يكون أعلم ما قَدْ عَلِمَ منْهُمْ.
والدَّليلُ عَلَى أنَّه طبع على قلوبهم جَزَاءً لهم
قوله: (كَذَلِكَ نَجْزِي القَوْمَ المُجْرِمِينَ).
قوله: (كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ).
(كَأَنْ) مخففة من الشديدة، المعنى كأنَّه لَم يَدْعُنَا.
قالت الخنساء:
كأنْ لم يكونوا حِمًى يُتَّقَى. . . إذْ الناسُ إذ ذاك من عزَّ بزَّا
أي كأنهم لم يكونوا.
* * *
وقوله: (ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٤)
موضع (كَيْفَ) نَصْبٌ بقوله (تَعْمَلُونَ) لأنها حرف استفهام، ولَا يعمل
فيها (لِنَنظرَ) لأن ما قبل الاستفهام لا يعمل في الاستفهام.
ولو قلت: لننظر أخيْراً تعمَلُونَ أمْ شَرًّا كان العاملُ في خيرٍ وشَيءٍ تَعْمَلُونَ.
* * *
وقوله: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥)
منصوب على الحال.
(قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا).