فعلموا إنَّه لمْ يُعَلمْ هذِه الأقاصيص إلا من جهة الوحي، ففي هذه الآيات.
إذكارهُم بالنعمة عليهم في أسلافهم، وتثبيت أمر الرسالة كما وصفنا.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (٥٣)
آتينا بمعنى أعطينا، و (الكتاب) مفعول به، (والفرقان) عطف عليه.
وَيَجُوزُ أن يكون الفرقان الكتاب بعينه إلا إنَّه أعيد ذكره، وعَنى به أنه يفرق بين الحق والباطل.
وقد قال بعض النحويين وهو قطرب: المعنى: وآتينا محمداً الفرقان، ودليله قوله عزَّ وجلَّ (تَبَارَكَ الًذِي نَزَلَ الفُرُقَانَ عَلَى عَبْدِهِ) يعني به القرآن.
والقول الأول هو القول لأن الفرقان قد ذكر لموسى في غير هذا
الموضع - قال الله عزَّ وجلَّ: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (٤٨).
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (لَعَلَّكم تَهْتَدُونَ).
" لعل " إنما ذكرت هنا - واللَّه يعلم أيهتدون أم لا يهتدون - على ما يفعل
العباد ويتخاطبون به، أي إن هذا يرجى به الهداية، فخوطبوا على رجائهم.
ومثله قوله: (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى): إنما المعنى اذهبا على
رجائكما، واللَّه عزَّ وجلَّ عالم بما يكون وهو من ورائه.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إنَهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٥٤)
والقراءَة (يَا قَوْمِ) بكسر الميم، وهو نداء مضاف، والاختيار فيه حذف
الياءِ، لأن الياء حرف واحد، والنداءُ باب حذف، وهي شي آخر الاسم، كما