أَي يسلمون لما يأتي به من حُكْمِكَ، لا يعارضونه بشيء، وتسليماً
مصدر مَؤكد، والمصادر المؤَكدة بمنزلة ذكر الفعل ثانياً، كأنك إِذا قلت
سلمت تسليماً فقد قلْت: سَلَّمْتُ سَلَّمْتُ. وحقُّ التوْكِيد أن يكون محقِّقاً لما
تذكره في صَدْرِ كَلَامِك، فإِذا قُلْتَ ضَربتُ ضرباً، فكأنك قُلْتَ أحدَثْتُ ضَرْباً أحَقه ولا أشك فيه، وكذلك (وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) أي يسلمون لحكمك تسليماً، لا يُدْخِلون على أنفسهم فيه شَكاً.
* * *
وقوله جلَّ وعزَّ: (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (٦٦)
" لو " يُمنَعُ بها الشيء لامتناع غيره. تقول لَوْ جاءَني زيد لَجئْتُه.
المعنى أن مجيئي امتنع لامتناع مَجِيءِ زيْدٍ، فحقها أن يَلِهَا الأفعالُ.
إلَاَ أن (أنَّ) المشدَدةَ تقع بعدها، لأن - " أنَّ " في اللغة تنوب عن الاسم والخبر، تقول ظننت أنك عالم.
وهذا كقولك ظننتك عالماً. والمعنى ظننت علمك.
فالمعنى في " أنَّ " بَعْدَ " لَوْ " أنها نابَتْ عن الفعل والاسم، كما نابت عن الاسم والخبر.
فالمعنى في قوله: (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ) كالمعنى في لو كتبنا عليهم.
وجائز أن يكون مضمراً الفعلُ مع (أنَّ) مع وقوع قابلها.
المعنى ولو وقع وكتبْنَا عليهم أنْ اقْتُلُوا أنْفُسَكُمْ أو اخرُجُوا من دِيارِكُمْ مَا
فَعَلُوهُ إِلا قَليلُ مِنْهُمْ.
وإِن شئت كسرتها لالتقاء السَّاكنين أعني. . (أَنِ اقْتُلُوا أنْفُسَكُمْ)
وإِن شئت قُلْتَ " أنُ اقتلوا " فضممتها لانضمام التاء. .